ثقافة وفن ومنوعات >ثقافة وفن ومنوعات
الدمية القبيحة التي خطفت القلوب: ما سرّ "لابوبو"؟
الدمية القبيحة التي خطفت القلوب: ما سرّ "لابوبو"؟ ‎الأربعاء 2 07 2025 09:25
الدمية القبيحة التي خطفت القلوب: ما سرّ "لابوبو"؟

جنوبيات

من مجرّد لعبة قبيحة، تحوّلت شخصية لابوبو إلى ظاهرة عالمية غزت القلوب ثمّ عالم الموضة، مسبّبة طوابير طويلة تمتدّ لساعات وربّما لأيام، وحتى انهيارات عصبيّة للحصول على اللون أو الإصدار المرغوب.

هذه الدمية الصغيرة، التي ظهرت للمرة الأولى عام 2015، والتي أحدثت ثورة في عالم الألعاب القابلة للجمع، بدأت شهرتها الحقيقية عندما طرحتها الشركة في تسويقها داخل عبوات مغلقة في منتصف عام 2023، بحيث لا يعرف المشتري التصميم أو اللون إلّا بعد الفتح، ما رفع مستوى الإثارة.

ولمن يجهله، “لابوبو” كائن بعينين واسعتين ونظرات غالبًا ما تكون شريرة، أنف صغير، أسنان مثلثة بارزة وأذنان طويلتان. أي باختصار، إن ملامح “لابوبو” تجمع بين الظرافة والشيطنة. وفي ما يتعلق بالتكلفة، يبلغ سعر الدمية الواحدة حوالى 18 دولارًا. أما الإصدارات النادرة، فقد تتراوح أسعارها بين 100 دولار وتتجاوز 1000 دولار، وذلك بحسب مدى ندرتها. مثلًا، وصل سعر نموذج “سيكريت” النادر جدًا، إلى 1920 دولارًا في المزادات الإلكترونية.

"لابوبو" وعلم النفس

كيف يشرح علم النفس انجذاب البالغين لـ "ترندات" غريبة كهذه؟ ولماذا قد يدفعون مبالغ كبيرة على أشياء بلا قيمة عملية؟


لا ينظر علم النفس إلى هذه الظواهر على أنها غريبة؛ فالمعالجة النفسية تاليا مطر بشارة تفسّرها كاستجابة لحاجات نفسية عميقة لدى الإنسان، أهمّها الشعور بالانتماء. إذ تمنح هذه “الترندات” الفرد إحساسًا بأنه جزء من مجموعة مميّزة، خاصة إذا كانت المقتنيات نادرة أو باهظة الثمن.

من جهة أخرى، تشرح أنه يمكن أن توفّر هذه الشخصيات أو المقتنيات متعة نابعة من الشعور بالتحكّم، لأنها ترافق الشخص في يومياته من دون أن تفرض عليه شيئًا، على عكس التفاعلات البشرية المعقّدة. وتضيف أنّ شراءها قد يكون وسيلة للهروب من الواقع الأليم، تمامًا كما تفعل الطفلة مع دميتها. كما أن هذه الشخصيات، بأحجامها وألوانها، تذكّر الإنسان بمرحلة الطفولة الخالية من المسؤوليات والقلق، ومع تقدّم العمر والضغوط تزداد الحاجة إلى هذه الرموز كوسيلة للراحة والاتّزان النفسي.

للأسف، هناك رابط وثيق بين الشعور بالوحدة أو القلق، والانجذاب لشخصيات مثل لابوبو. وتقول إنّ “هذه الشخصيات، التي قد تبدو بشعة للبعض، تحمل بعدًا رمزيًّا وعاطفيًّا عميقًا. إنها لا تحكم ولا تنتقد ولا تضع شروطًا، ما يمنح شعورًا ضمنيًّا بأنه “لا داعي لأن أكون مثاليًا كي أحظى بالحبّ”، مؤكدةً أنه غالبًا لا يدرك الشخص سبب انجذابه لهذه الأشياء، فالأمر يرتبط بوجود روابط لا شعورية في الدماغ تتّصل بذكرياته وتجاربه الماضية.

السرّ الأهمّ في جاذبية هذه الشخصيات يكمن في عنصر المفاجأة، المشابه لفتح علبة لا تعرف ما بداخلها؛ وهذا يرفع مستوى هرمون الدوبامين، المسؤول عن نظام المكافأة في الدماغ، ما يجعل التجربة شبيهة بالإدمان، لأنّ الدماغ يتوق إلى تكرار هذا الشعور مجدّدًا، تُوضح مطر بشارة مضيفةً: “بشكل عام، شراء “لابوبو” لا يُعدّ خطيرًا. إلّا أن الأمر قد يتحوّل إلى مشكلة حقيقية عندما يصبح هوسًا.

فمن الضروريّ هنا التمييز الواضح بين الهواية والهوس؛ فالهواية تتميّز بالمتعة والطاقة الإيجابية، حيث يستطيع الشخص التوقّف عن الشراء دون أن يؤثر ذلك عليه نفسيًا. أما الهوس فيتّسم بشعور الشخص بأنه مُجبر على الشراء، ولا يشعر بالراحة إلّا عند استكمال المجموعة. وقد يتعدّى الأمر ذلك ليصرف الشخص أموالاً تفوق قدرته، ويشعر بالقلق إذا لم يحصل على اللون الذي يريده تحديدًا”.

ختامًا، بين الهواية والهوس شعرة رفيعة. وحده الوعي الذاتي يحدّد متى تتحوّل المتعة إلى سلوك يستدعي التدخل. وأنت، هل تنجذب إلى مثل هذه الترندات العصرية؟