لبنانيات >أخبار لبنانية
أزمة النفايات مرآة لعجز الدولة..!
أزمة النفايات مرآة لعجز الدولة..! ‎الاثنين 14 07 2025 08:13
أزمة النفايات مرآة لعجز الدولة..!

جنوبيات

رغم مرور أكثر من عقدين على تفجّر أزمة النفايات في لبنان، لا تزال البلاد تدور في الحلقة نفسها من المعالجات المؤقتة والمكبات العشوائية، ما أدى إلى تفاقم الكوارث البيئية والصحية على امتداد المناطق، من الساحل إلى الجبل. وقد أصبح مشهد الدخان المتصاعد من حرق النفايات في الهواء الطلق جزءاً من يوميات اللبنانيين، بما يحمله من سموم وروائح كريهة وأمراض متنقلة، ومخاطر على البيئة، والمناطق السكنية.
لقد شكّل إقفال مطمر الناعمة عام ٢٠١٥ لحظة مفصلية، كشفت عجز الدولة عن وضع خطة وطنية شاملة ومستدامة لإدارة النفايات، ما أدى إلى أزمة نفايات كارثية آنذاك، لا تزال تداعياتها مستمرة حتى اليوم. وعلى الرغم من اعتماد مطمر كوستابرافا لاحقاً كحل موقت لتصريف نفايات العاصمة والضواحي، إلا أن الاعتماد على هذه المطامر يظل ناقصاً ومهدداً بالانفجار في أية لحظة، في ظل غياب المعالجة النهائية للنفايات، وعدم تحقيق أي تقدم جدي في إنشاء محارق حديثة، تراعي الشروط البيئية والصحية العالمية.
وما يزيد الطين بلّة، هو تفشي ظاهرة الحرق العشوائي في القرى والأحياء، حيث تتحول النفايات إلى مصدر خطر دائم على صحة الناس، لا سيما الأطفال والمسنين، وسط صمت رسمي قاتل، وتقاعس البلديات عن إيجاد البدائل.
إن ما يحتاجه لبنان اليوم ليس المزيد من "الترقيع”، بل قرار سياسي حاسم بوضع سياسة متكاملة لإدارة النفايات، تبدأ بالفرز من المصدر، مروراً بتحديث شبكات الجمع والنقل، وصولاً إلى إنشاء معامل معالجة متطورة تعتمد أساليب التدوير والتحويل إلى طاقة، مع إشراك القطاع الخاص والبلديات والمجتمع المدني في هذه العملية.
وفي هذا الإطار، لا يمكن اعتبار مطمري الناعمة وكوستابرافا نموذجاً مستداماً، رغم المواصفات العالمية المتوفرة في الأخير، بل مجرد محطات انتقالية في انتظار إطلاق مشاريع المحارق الحديثة ضمن مواصفات بيئية صارمة. فالمطلوب هو أن يتحول ملف النفايات من عبء سياسي ومالي إلى فرصة لتوفير فرص عمل، وتحسين البيئة، وحماية الصحة العامة. لقد آن الأوان أن تخرج إدارة النفايات من مستنقع المحسوبيات والصفقات، وتدخل في سياق الإصلاح الحقيقي، حتى لا تبقى شوارع لبنان مرآة لعجز الدولة وتقصيرها المزمن.
د. فاديا كيروز

المصدر : اللواء