عام >عام
"الافتاء الجعفري" في صيدا أحيت ذكرى العاشر من محرم
المفتي عسيران: مفتاح الحل السياسي تشكيل حكومة وطنية تخرج البلد المحتضر من غرفة العناية الفائقة
"الافتاء الجعفري" في صيدا أحيت ذكرى العاشر من محرم ‎الخميس 20 09 2018 12:57
"الافتاء الجعفري" في صيدا أحيت ذكرى العاشر من محرم

جنوبيات

أحيت دار الافتاء الجعفري في صيدا ذكرى العاشر من محرم حيث تليت واقعة كربلاء والمصرع الحسيني في مجلس عاشورائي اقامه مفتي صيدا والزهراني الجعفري الشيخ محمد عسيران  في النادي الحسيني للمدينة في محلة البوابة الفوقا  وحضره ممثل رئيس مجلس النواب نبيه بري النائب محمد خواجة ، ممثل رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري والنائب بهية الحريري رئيس جمعية تجار صيدا وضواحيها علي الشريف ، النائب علي عسيران ، ممثل مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان مفتي صور ومنطقتها الشيخ مدرار الحبال ، راعي ابرشية صيدا ودير القمر للموارنة المطران مارون العمار ، ممثل مفتي صيدا واقضيتها الشيخ سليم سوسان الشيخ ابراهيم الديماسي ، المونسنيور الياس الأسمر ، الدكتور عبد الرحمن البزري ، رئيس فرع مخابرات الجيش اللبناني في الجنوب العميد فوزي حمادي ورئيس مكتب مخابرات الجيش في صيدا العميد ممدوح صعب ، عضو المكتب السياسي لحركة امل ومسؤولها في صيدا بسام كجك، رئيس غرفة التجارة والصناعة والزراعة في صيدا والجنوب محمد حسين صالح والرئيس السابق للغرفة محمد الزعتري، القنصل رضا خليفة ،  وحشد من ابناء المدينة والجوار. 
المفتي الحبال
بعد تلاوة قرآنية من حسن التقي ، وتقديم من نصري المصري ، تحدث ممثل مفتي الجمهورية المفتي الشيخ مدرار الحبال مستحضرا القيم والمفاهيم الانسانية السامية التي اتى بها الاسلام والبعثة والدعوة النبوية الشريفة ، معتبرا ان الاسلام ليس فقط عبارة عن عبادات تؤدى بل هو منهج حياتي متكامل ، منهج فكري سلوكي يرقى بالفكر والسلوك والمجتمعات الانسانية . وقال: لقد لزم المسلمون بعد رسول الله (ص) الشورى وكانوا صفا واحدا .. ولكن مرت السنين وجاء جاء زمن حذر منه المصطفى محمد (ص) " اخشى عليكم زهرة الدنيا و زينتها ان تفتح عليكم فتنافسوها كما تنافسها الذين قبلكم فتهلككم كنما اهلكتهم" . لما تعرضت الشورى وهي عاصمة المنهج وعاصمة كرامة الانسان لما تعرضت للخطر.. وقف الإمام الحسن موقفا عظيما وحد به المسلمين جميعا ودخل بعهد يحقق من خلاله وحدة صف الأمة. 
واضاف : ومكث الأمر على هذا  الى ان جاء الزمن الذي برز فيه سيدنا الحسين إماما لأهل البيت وافضل الصحابة وافضل الناس في ذلك الزمان ولما راى ان الشورى في خطر عظيم تشبث الحسين بالمنهج ..ولما راى ان الكثيرين من اهل العراق اعلنوا انهم مطيعين له طاعة تامة عزم على ان يخرج اليهم ليقيم جبهة متقدمة يدافع فيها عن مفهوم الشورى الذي يدعو اليه الاسلام  . فالإمام الحسين لم ينظر الى مصلحته الخاصة بل الى مصلحة الامة جمعاء فكان لا بد من موقف يحدد فيه راي المدرسة النبوية والمنهج النبوي والطريق الاسلامي فكان موقف الحسين بن علي حفيد رسول الله صلوات الله عليه. وان الحسن والحسين سيدا شباب اهل الجنة ليس فقط لانهما حفيدا الرسول (ص) ولا شك ان القرابة لعبت دورا مهما ، بل للمواقف التي وقفاها وبذلاها في سبيل الدفاع عن منهح الاسلام والحفاظ على منهح رسول الله وان المسلمين جميعا يؤمنون بهذا ويتفقون على هذا  .. قد يختلفون في طريقة التعبير عن محبتهم لأهل البيت لكنهم يتفقون في محبتهم والاقتداء بهم والسير على نهجهم . وهذا ما دفع شيخ الأزهر ليعلن ان السنة والشيعة هما جناحا هذه الأمة اي ان الأمة لا يعلو شانها ولا يرتقي امرها الا بوفاق الجناحين ما بينهما . 
وخلص المفتي الحبال للقول : اننا مدعوون في رحاب هذه الذكرى ، المسلمون اولا والعقلاء جميعا لأن نكون صفا واحدا ونقتدي بهؤلاء العظماء ، بسيدنا الحسين  الذي بذل الغالي في سبيل اعلاء كلمة التوحيدوتوحيد كلمة اهل التوحيد ثانيا .. والى تفويت الفرصة على اعداء  الخير والرحمة والانسانية والسلام الذين يتربصون الفرص ويحاولون ان يوقعوا بين الناس للسطوة على ثروات العالم والبلاد ويبتدعون انواع الاختلافات بين الناس قومية او دينية او مذهبية او عشائرية .. نحن مدعوون لأن نقتدي حقا بالمصطفى (ص) وتلامذته الذين بذلوا الغالي والنفيس لحفظ طريق الحق وللإرتقاء بالانسان وحفظ كرامته .
المطران العمار
والقى المطران مارون العمار كلمة بالمناسبة اعتبر فيها  ان الصرخة الأزلية "هيهات منا الذلة"  التي رددها الحسين كانت تعبر عن تعلقه الكبير بالله واستعداده للتضحية بحياته من اجل احقاق الحق وانتصار الشرف على الذل وشق طريق التضحية الحقيقية امام الجميع وامام كل من يريد ان يصل الى الجنة الحقيقية . وقال: ان هذه الصرخة التي رددها الحسين ونرددها معه ارى فيها انا الأسقف المسيحي الصرخة التي تجمع الخيرين الصادقين والمؤمنين الأصفياء واحباب الله الأتقياء ، فتعالوا ايها الأحبة الشرفاء نقول معا في وطننا لبنان على مثال ما قاله الحسين في كربلاء : هيهات منا الذلة، هيهات منا الانقسام ، هيهات منا الاستقواء ، هيهات منا تبني الشر على حساب الخير ، هيهات منا عبادة المال والعلم على حساب عبادة الله الواحد ، هيهات منا عبادة الكراسي السياسية على انواعها على حساب خير الوطن والمواطن . هيهات منا المناكفات الرخيصة على حساب التضامن الخير سبيلا لوحدة شعب وطننا وضمانة خيره ورقيه وازدهاره .. هيهات منا التسلط الغاشم الحاقد المتكبر على حساب السلطة الخادمة العادلة والعارفة بدقائق امور الوطن والمواطن لتؤمن حاجاته الأساسية بعيدا عن المصالح الفردية الكريهة . هيهات منا كل ما يفرقنا كطوائف ومذاهب على حساب ما يحمعنا وما يجعل من فروقاتنا الايمانية والوطنية لوحة خير وسلام ومحبة . 
واضاف: وعندما نقول هيهات منا الذلة نكون على طريق وطن الرسالة ويكون قول قداسة البابا يوحنا بولس الثاني " لبنان اكبر من وطن هو رسالة " قد تحقق في لبنان وفي كل اهله ومحبيه . فتعالوا نرسخ دعائم وحدتنا الوطنية عبر نبذ كل ما يفرقنا والاجتماع على ما يوحدنا تعالوا نبتعد عن سماع الأقوال المهينة بحق بعضنا البعض والتي تتردد كثيرا ويا للأسف في هذه الأيام لسبب او لآخر ونستعيض عنها بالكلام الذي يشد اخوتنا الحقيقية ويزرع السلام في قلوبنا وقلوب اولادنا . تعالوا نضع بدل كلام التخوين والتخويف والتهويل كلاما حقا نسمعه في جامع وكنيسة يشرح لنا كلام الله الجامع ويبذر السلام والطمأنينة في نفوس الجميع . 
المفتي عسيران
ثم القى المفتي الشيخ محمد عسيران كلمة راى فيها ان الامام الحسين خرج لتقويم ما اعوج من الاسلام واعادة المبادىء الكبرى لهذا الدين بعدما كادت تهجره وتتركه خاويا ، وخرج نافضا عن المسلمين غبار التحريف في دينهم ومجليا لصدأ قلوبهم التي عشعش فيها الظلم ومزيلا الغشاوة عن عيونهم والتي اعشاها بريق الباطل وموقظا عقولهم التي اسكرتها خمرة الفتن . 
وقال: ما اشبه اليوم بالأمس ، ها نحن اليوم في عصر امتزج مع تمازج المعالم والعوالم تحيط بنا الحرب الناعمة ويسير الانحراف بين صفوفنا ويسير معه زوغان العقل . وقوام الحرب الناعمة استبدال الدبابة بالإعلام والجيوش بالعملاء والاحتلال المادي بالاحتلال الفكري والإيديولوجي . تكاثرت خلايا الغدد الخبيثة المصوبة على جسم الاسلام الذي يمر اليوم بظروف صعبة تستلزم تضامنا في قلوبنا ومشاعرنا وتنسيقا في مواقفنا وتصوراتنا وتكاملا في جهودنا لمواجهة مشكلاتنا وقضايانا وعلى راسها قضية فلسطين والمسجد القصى ، ومأساة اخواننا في سوريا والعراق واليمن وغيرها .. اننا احوج ما نكون الى الحوار طريقا لمناقشة قضايانا والتناصح بالخير سبيلا لتعزيز اخوتنا . وان عظيم ما ابتلي به العالم في عصرنا هذا آفة الارهاب الذي عم شره امماً شتى واعراقا مختلفة ومذاهب متعددة ولا يمكن نسبه الى امة او دين او ثقافة او الصاق تهمة الارهاب بالاسلام .. 
واضاف: ان مجتمعاتنا اليوم تعاني من انفكاك كبير بين قيمها وسلوكيات افرادها على نحو ينذر بخطورة المرحلة وصعوبة التحديات ولهذا علينا مسؤولية عظيمة في تربية النشء على فضائل الأخلاق ومكارمها وخصوصا في هذا الزمن الذي كثرت فيه اسباب الشر والفتن واصبحت الحرب حرب اخلاق وقيم . 
وتطرق المفتي عسيران الى الشأن الداخلي اللبناني فاعتبر ان مفتاح الحل السياسي اليوم في لبنان هو العودة الى ضمائرنا وان يعمل اهل السياسة والقيمون على الدولة على فك ارتباط الوضع الداخلي المأزوم عن الوضع الاقليمي والدولي وان يسارعوا الى تشكيل حكومة وحدة وطنية عساها تخرج هذا البلد المحتضر من غرفة العناية الفائقة . 
وخلص للقول : لا بد لنا اكثر من اي وقت ان نطيب فكرنا بتعاليم الحسين وان نقلد انفسنا اوسمة عاشوراء ، اوسمة الصبر والنبل والتضحية،  ولنعمل على تثبيت تلك القيم في سلوكنا ولنزن اعمالنا بميزان النهضة الحسينية . فلنجعل من هذا الدرب موطىء قلوبنا ابدا ومنارة عقولنا ومرساة سفينتنا فالحسين مصباح الهدى وسفينة النجاة .
واختتم المجلس العاشورائي بتلاوة المصرع الحسيني من قبل الشيخ علي البهادلي ثم تقبل المفتي عسيران التعازي .