مقالات مختارة >مقالات مختارة
طار الاستقلال بتآمر الحكام
جنوبيات
تأتي الذكرى ال79 لاستقلال لبنان في أصعب ظرف وأخطر مرحلة يمر بها الشعب اللبناني والوطن. لم يبقَ من الاستقلال إلا اسمه بفعل تآمر حكام أفسدوا وخربوا ودمروا... وقد استباحوا كل شيء حتى بات البلد هيكلاً عظمياً بلا روح .
عن أي استقلال لوطن منهوب مذبوح اغتالته طغمة مستبدة نتحدث؟
أي استقلال هو !! والناس يتجرعون الذل اليومي والقهر والهوان والعذابات، يأنون تحت سطوة الفقر المدقع والموت المحدق الذين يعيشون من قلته..
لا ماء، لا كهرباء، لا دواء لعليل، لا علبة حليب لطفل، لا رغيف خبز، لا عمل، والمأساة تتسع. هكذا سممت حياة اللبنانيين بظروف بائسة يائسة، لسان حالهم "ما في نوى".
أنُحدث العامل عن الاستقلال والوطنية بينما هو لا يستطيع تدبر إعالة عياله وتأمين قوت عيشه، وذاك الموظف قد نهبت حقوقه وتبخرت تعويضاته !. المودعون قصفت أعمارهم وجناهم عبر عصابة المصارف.
أين الاستقلال من هجرة أصحاب الكفاءات وأكثر من ثلث اللبنانيين باتوا خارج وطنهم بحثا عن مورد للرزق وعن كرامة مسفوكة في بلدهم.
أي استقلال هذا؟ بينما لا أفق ولا مستقبل للبنانيين بخاصة جيل الشباب.
أين الاستقلال في ظل الانهيار المالي والاقتصادي والدولار قد تجاوز عتبة ال40 ألف ليرة لبنانية، وإقرار الدولار الجمركي ب 15 ألف ليرة لبنانية؟
أين الاستقلال من موت مواطنين على أبواب مستشفيات؟ أين الاستقلال من حالة إذلال اللبنانيين على أيدي مافيات المولدات الكهربائية الذين يمصون دمهم؟ أين الاستقلال من الأعباء التي يتحملها لبنان من وجود النازحين السوريين منذ العام 2011 على الصعد كافة؟ أينه من الانتهاكات اليومية من قبل العدو للسيادة اللبنانية؟.
أين ومئة أين ؟
وماذا عن الدين العام الذي جاوز المئة مليار دولار أميركي؟
كل ذلك حول الاستقلال إلى استقلال مبتور ومفقود، والشعب إلى شعب مقهور بفعل طبقة سياسية مالية ربوية حصنت مواقعها.
وماذا عن القضاء الذي أقل ما يمكن ان يُقال فيه إنه خذل اللبنانيين ولم ينصفهم، وإلا لماذا لا نرى مسؤولاً أو صاحب مصرف أو سارق أو فاسد خلف قضبان السجن.
اي استقلال هذا في ظل فراغ رئاسي وغياب التفاهم على رئيس توافقي، والحكومة بصيغتها الراهنة هي حكومة تصريف أعمال لا صلاحية دستورية واسعة لها لاتخاذ قرارات مصيرية.
كبيرة مآسي اللبنانيين وآلامهم.. يحصل هذا، بينما التفلت الإعلامي واللعب على وتر العصبيات واستثارة النعرات الطائفية والمذهبية يجري على قدم وساق، والمطلوب الحكمة وخطاب العقل لا خطاب التأجيج والفتنة.
عذرا أيها الشهداء الذين سقطتم وتسقطون منذ العام 1943 لى يومنا هذا، مروراً بشهداء المقاومة الإسلامية والوطنية الذين بفعل تضحياتهم تحررت الأرض من رجس العدو الصهيوني.
لم نحمِ الاستقلال ونصونه ونصون العهد للذين سقطوا من أجل أن نحيّا وننعم بالحرية.
أما قوى التغيير التي راهن عليها لبنانيون فقد أخفقت ليست فقط في تغيير أداء المنظومة الحاكمة، إنما أيضا فشلت في تقديم مشروع بديل وراحت تمارس فعلا لا يختلف عن أداء المنظومة الحاكمة.
اذا استمرت الطبقة السياسية في خطتها المتبعة منذ العام 92 في الانهيار وتفكك الدولة وعدم اتخاذ قرارات تاريخية مصيرية لإنقاذ البلاد والعباد...
فنحن عندها لا نستحق هذا الوطن واستقلاله.