لبنانيات >أخبار لبنانية
لبنان يتصدّر الذكاء عربيًا!


سينتيا سركيس
رغم التحديات التي فرضتها الجغرافيا وابتلاءات السياسة والفساد والحروب، جاء تقرير حديث ليُنصف الشعب اللبناني، الذي لطالما ضُرب فيه المثل في الذكاء والتميّز والإبداع، إلى جانب معاناته المستمرة. فقد حلّ لبنان في المرتبة الأولى عربيًا وفقًا لتقرير International IQ Test لعام 2025، الذي يصنّف الدول العربية وفقًا لمعدّل الذكاء (IQ) استنادًا إلى اختبارات دولية تقيس القدرة التحليلية والمنطقية للأفراد. وبلغ معدّل ذكاء اللبنانيين 99.39، متفوّقًا على جميع الدول العربية، فيما جاءت تونس في المرتبة الثانية بمعدّل 97.37، تليها الجزائر والإمارات العربية المتحدة.
لطالما تميّز اللبنانيون في مختلف المجالات داخل لبنان وخارجه، فما السر وراء هذا التفوّق؟ لا شكّ أنّ التعليم كان عاملاً أساسياً في بناء هذا التميّز، إذ لطالما تميّزت المدارس والجامعات اللبنانية بتصنيفات عالمية مرموقة، كما أن نسبة الالتحاق بالجامعات تُعدّ من الأعلى في الشرق الأوسط، حيث تتجاوز 40% من إجمالي السكان، ما جعل الجامعات اللبنانية وجهة جذابة للطلاب الأجانب، الذين يتراوح عددهم بين 15 و20 ألف طالب سنويًا. إلى جانب ذلك، ساهم التعدد اللغوي الذي يتمتع به اللبنانيون، إذ يتقنون العربية والفرنسية والإنجليزية، في انفتاحهم على الثقافات المختلفة وسهولة اندماجهم في الأسواق العالمية.
لكنّ الذكاء اللبناني لم يكن نتاج التعليم فقط، بل كان أيضًا نتيجة التحديات التي فرضتها الأزمات المتكررة، حيث ساهمت المصاعب الاقتصادية والسياسية والحروب في صقل قدرة اللبنانيين على التكيّف والابتكار. فقد دفعتهم الظروف الصعبة إلى البحث عن حلول إبداعية، سواء داخل البلاد أو في مشاريعهم الناجحة بالخارج، حيث استطاعوا تحويل الأزمات إلى فرص وتحقيق نجاحات بارزة. كما تميّز اللبنانيون بقدرتهم على بناء شبكات علاقات قوية، سواء في مجال الأعمال أو الحياة العامة، ما ساعدهم على الوصول إلى مناصب قيادية وتعزيز وجودهم في بيئات تنافسية، حتى باتوا محور المجتمعات والأعمال في العديد من الدول.
أما السياسة، ورغم أنها كانت أحد أبرز العوامل التي زادت من معاناة اللبنانيين، إلا أنها، بطريقة أو بأخرى، ساهمت في تعزيز مهاراتهم في الصبر والتعامل مع الأوضاع المعقدة. فالتجارب القاسية التي مروا بها جعلتهم أكثر مرونة في مواجهة التحديات وأكثر قدرة على الصمود والتميّز رغم كل الصعاب. لبنان، رغم كل ما مرّ به، يبقى بلدًا نابضًا بالحياة، وذكاؤه الجماعي ليس مجرد رقم في تقرير، بل حقيقة ملموسة تنعكس في نجاحات أبنائه حول العالم.
