لبنانيات >أخبار لبنانية
هكذا جرى تهريب كسحة.. واسم الرافعي يتردد في «العسكرية»
هكذا جرى تهريب كسحة.. واسم الرافعي يتردد في «العسكرية» ‎الخميس 14 01 2016 16:34
هكذا جرى تهريب كسحة.. واسم الرافعي يتردد في «العسكرية»
الشيخ سالم الرافعي

لينا فخر الدين

يكاد يتحوّل رئيس «هيئة علماء المسلمين» السابق الشيخ سالم الرافعي إلى النجم الغائب عن الجلسات التي تعقد في المحكمة العسكريّة. يندر أن يقف موقوف طرابلسي أمام القوس من دون أن يأتي على سيرة «الشيخ»، حتى سأل رئيس «العسكريّة» العميد الرّكن الطيّار خليل ابراهيم خلال استجواب أحدهم: «شو بكن.. كلكن حافظين هالدرس؟».
ومن يسأل إن كان «الكلام في ظهر الرافعي صيت خير أو صيت شرّ»، فإنّه لا بدّ له أن يستمع إلى ما قاله عنه يوماً خطيب «مسجد التقوى» بأنّه (الرافعي) كان يزكي أشخاصاً عند تنظيمي «داعش» و «جبهة النصرة» للقتال معهم، أو أن يلاحظ عشرات الموقوفين الذين يشيرون إلى أن خُطب الرافعي ودروسه الشرعية دفعت للقتال في سوريا، وغيرهم ممن يلفتون الانتباه إلى المجموعات المسلحة التي كان يشرف عليها رئيس «الهيئة» السابق والتدريبات العسكريّة التي كانت تجري داخل المسجد.
هذا غيضٌ من فيض ما يتردّد داخل قاعة المحكمة وعلى مرأى ومسمع من جميع الحاضرين.
بالأمس، كان عامر البب، المتّهم بالانخراط في مجموعة مسلحة والمشاركة في جولات القتال بين جبل محسن وباب التبانة بالإضافة إلى مساعدة القيادي في «داعش» أحمد كسحة بالهروب من طرابلس إلى مجدل عنجر قبل توقيفه بأيامٍ قليلة، هو واحد من هؤلاء.
يؤكّد الموقوف أنّ كسحة هو «عنصر في مجموعة الرافعي داخل أسواق طرابلس». هذا الكلام لم يقنع العميد ابراهيم الذي سأل: «هل يملك الرافعي مجموعة مسلّحة؟». سريعاً ردّ البب بالإيجاب وبكلمة «أكيد»، ليتبع إجابته بأسماء المجموعة وأبرزهم: مأمون العارفي، «أبو مزلف»، أبو عمر حموي، محمد حمدوني...
كلّ هذه الأمور يعرفها البب بحكم عمله في بسطة لبيع القهوة والسكاكر داخل الأسواق القديمة في منطقة الرفاعيّة، حيث كان يتردّد العديد من المسلحيّن «فهؤلاء هم أبناء حارة واحدة».
ولذلك فقد توطّدت العلاقة مع بعضهم إلى أن طلب منه أحد المسلحين الذي يدعى حسن ح. أن يقوم بتهريب «أبو عمر كسحة» من الأسواق إلى دوار أبو علي على متن الدّراجة الناريّة التي يمتلكها.
وصف له حسن المشهد بكامل تفاصيله، سيحاول كسحة إخفاء وجهه وأنت ستقوم بمراقبة مفرق الغرباء بالقرب من «مسجد التقوى» حيث ستقوم بنقل كسحة إلى دوار أبو علي. هناك ستكون بانتظاركما سيارة رماديّة اللون من نوع «تويوتا» تحمل لوحة تجاريّة سيستقلّها كسحة للهروب نحو مجدل عنجر.
وبالفعل، قام البب بهذه العمليّة ليقع بعد فترة وجيزة بقبضة الأجهزة الأمنيّة.
وأثناء استجوابه، نفى الرجل الخمسيني أن يكون قد شارك في إحدى جولات العنف التي دارت بين جبل محسن وباب التبانة أو أنّه قام ببيع عدد من البنادق الحربيّة إلى سوريا، مشيراً إلى أنّه قال ذلك في متن إفادته الأوليّة «تحت الضغط»، ومؤكّداً أنّ كميّة الذخائر التي ضبطت في منزله هي قديمة العهد.
وقد حكمت هيئة «العسكريّة» عليه بالسجن لمدّة 3 أشهر وإلزامه بتقديم بندقيّة حربيّة.
من جهة ثانية، كان يوم «العسكريّة»، أمس، حافلاً بالدعاوى المرفوعة على عسكريين في المديريّة العامّة للأمن العام بدافع التماس الرشاوى.
القضيّة الأبرز كانت رشاوى بآلاف الدولارات لقاء المساعدة في إنجاح عدد من مقدّمي الطلبات لدورة ضباط في الأمن العام، وكانت من نصيب المفتّش في الأمن العام ع. ع. أمّا المدّعى عليه الأساسي في هذه القضيّة فهو قاسم المدهون، فلسطيني يحمل الجنسيّة الأميركيّة وفار من وجه العدالة. في العام 2005، وعندما تمّ توقيفه في نظارة المديريّة بتهمة الاحتيال، تعرّف المدهون على المسؤول عن النظارة ع. ع. وبعد سنوات، عاد المدهون والتقى ع. ع. صدفةً أمام المديريّة. تبادل الشخصان رقمي هاتفيهما، ليقوم الشاب الفلسطيني بالاتصال بالعسكريّ دورياً وسؤاله عن توقيت دورة الضبّاط. وفي أحد الاتصالات، أعلم المفتّش ع. ع. المدهون أنّ موعد الدورة قد اقترب وسيبلغه بتفاصيل الأوراق المطلوبة عمّا قريب.
في هذا الوقت، كان المدهون يقوم بعمليّة احتياليّة: يوحي لبعض من تعرّف عليهم أنّ بإمكانه مساعدتهم بالدخول كضباط في الأمن العام لقاء مبالغ ماليّة وصل بعضها إلى أكثر من 12 ألف دولار، مؤكداً لهم أنّ لكلّ ضابط في المديريّة الحقّ في إدخال 4 ضباط وهو على علاقة مع هؤلاء.
وهكذا كان.. فوقع العديد منهم ضحيّة المدهون، ومنهم محمّد م. وملكة م. التي حاولت إدخال ابنها وابنتها إلى الدورة بعدما أقنعها الشاب أن تجمع عدداً من الذين ينوون التقدّم لهذه الدورة بغية حصر العمليّة بينهم.
ولذلك، شجّعت ملكة العديد من جيرانها على هذا الأمر وكانت صلة الوصل بينها وبين المدهون.
تختلف عمليّات الاحتيال التي حصلت بين «ضحيّة» وأخرى. فمحمّد مثلاً دفع الدفعة الأولى ستّة آلاف دولار أميركيّ على باب المديريّة. وضع الشاب المبلغ في الظرف الذي كان يحتوي على الأوراق المطلوبة للترشيح وأعطاه للمدهون وفي حضور العسكريّ الذي أدخله وقدّم الطلب عنه باعتباره مسؤولاً عن التدقيق النهائي للطلبات، قبل أن يدفع الدفعة الثانية للمدهون، وهي 4 آلاف دولار أميركي.
وبعد الامتحانات، كانت الصّدمة: محمّد سقط! ولكنّ الأمر لم يتوقّف عند هذا الحدّ. فبعد أيام قليلة من صدور النتيجة، تلقّى محمّد اتصالاً من المديريّة يفيده بأنّه سيكون في عداد الملحق الذي يتضمّن أسماء 4 ضبّاط على أن يدفع 6 آلاف دولار أخرى.
أمّا ملكة فكان الأمر مختلفاً معها، إذ قام ابنها علي ز. بملاقاة المدهون والعسكريّ في ساحة العبد لإعطائهما المال قبل الذهاب إلى المديريّة لتقديم طلب الترشّح. وخلال اللقاء، قدّم المدهون العسكريّ على أنّه ضابط. وعندما انتبه علي لعدم وجود نجوم تعلو كتفه، شرح له المدهون أنّ ع. ع. يتقصّد ارتداء بذلة عسكريّ لأنه في المخابرات!
وإذا كانت عمليّة استلام الأموال مختلفة إلا أنّ النتيجة واحدة: الجميع رسب في الدورة، لتقوم ملكة بسحب تعويض زوجها العسكريّ المتقاعد بغية سداد الأموال المستحقّة على جيرانها الذين أقنعتهم بإمكانيات المدهون!
بالأمس، نفى المفتّش ع. ع. أن يكون قد قام بعمليّة الاحتيال هذه أو أنّه قبض قرشاً واحداً.
وخلال مواجهته بمحمّد، أنكر أيضاً ما أكّده الأخير بأنّه سلّمه المال في ظرف الأوراق، مشيراً إلى أنّه ساعده خلال تقديم الطلب لأنّ المدهون طلب منه ذلك، ولكن من دون أي لقاء ماديّ. وقد تمّ إرجاء الجلسة إلى 29 آب المقبل لاستجواب علي ز. الذي تغيّب عن جلسة الأمس.

رشى لقاء ختم
أمّا القضيّة الثانية، فكانت للمفتّش الثالث في المديريّة م. ب. (يعمل على كونتوار المصنع) الذي كشف في إفادته الأوليّة أنّ أحد سائقي السيارات العموميّة السوري الفارّ من وجه العدالة عامر السماوي كان يأتي إليه في منزله لينقل له «شوالات وأكياس» من البطاقات وجوازات السّفر التي تحتاج إلى ختمٍ للأمن العام، على حدّ قوله.
التعريفة التي كان يتقاضاها المفتّش الثالث تختلف بين هويّة وباسبور أو إذن عبور. ولكنّ، وللأمانة، لم يكن العسكريّ يختم «لمين ما كان»، إذ أنّه كان يقوم بـ «تفييش» أسماء أصحاب العلاقه إن كانت صادرة بحقهم بلاغات بحث وتحرّ. وعلى ضوء النتيجة يختم أو يرجع الأوراق الثبوتيّة إلى السماوي.
كلّ هذه العمليّة تمّ الكشف عنها بعدما تقدّم إلى المديريّة العامل السوري ع. ص. راوياً أنّه أعطى مبلغ 300 دولار لعامر السماوي ليسوي أوراقه، غير أنّه شكّ أنّ الأمر حصل بطريقة غير شرعيّة.
وبعد البحث والتحقيقات التي قامت بها المديريّة تبيّن أنّ العمليّة تمّت بطريقة غير شرعيّة، إلا أنّ الختم شرعي ويعود لـ م. ب. ليسجن تأديبياً قبل أن يتمّ طرده.
بالأمس، تراجع العسكريّ عن إفادته الأوليّة، مشيراً إلى أنّه قال ذلك «تحت الضغط». واعترف أنّه خالف التعليمات العسكريّة المشددة بقيامه خلال أوقات الذروة في عمله على المصنع، وذلك عندما كان يقوم بتختيم الكثير من الأوراق التي يأتي بها عدد من السائقين من دون التأكّد ما إذا كان هؤلاء الأشخاص في السيارة أو لا.
ولفت الانتباه إلى أنّ أوراق ع. ص. قد يكون ختم عليها بهذه الطريقة، مؤكداً أنّ سجله نظيف ولم يرتش يوماً.
فيما حكمت «العسكريّة» على العسكريّ م. ب. بالسجن ثلاثة أشهر وتغريمه، وع. ص. بالسجن شهرين وتغريمه، وعلى السماوي غيابياً بالسجن لمدة 10 أشهر وتغريمه.