بأقلامهم >بأقلامهم
صور الياقوتة الزرقاء
جنوبيات
توغل صور، المدينة والميناء، الهياكل والأقواس الصخريّة الدهريّة، وحتّى مراكب الصيادين وشباكهم، ليس في التاريخ العريق الخالد فحسب، إنّما في حبر الماء والسماء والكلمات، ولولا الأعمدة والبيوت والأبنية الناتئة من جزيرتها العائمة على كتف البحر المتوسّط، الأبيض، لتظنّنّها قبّة من ياقوت أزرق، أو صخرة من "فيروز" تفجّرت من البحر وانتصبت على صفحته، سفينة هداية حملت الأبجديّة إلى كلّ الكون.
على شاطئها المكلّل بسِيَر الفينيقيّين والبيزنطيّين والرّومان، انهزمت حضارات وارتفعت، وفي فضائها حلّقت أسماء أباطرة الأزمنة الغابرة وأمرائها، تمامًا مثلما تحلّق في يومياتها طيور النورس مزغردة وهي تبحث عن عشقها وأعشاشها وفتات بقائها.
في بقعة متماهية بين البرّ والبحر، حيث ميناء الصيّادين الكادّين على عيالهم وأرزاقهم، يتدفّق الحبر الأزرق متصاعدًا فوق الضجيج، ضجيج المراكب والفلائك (مفردها فلوكة)، معلناً سموّ مدينة وصمود شعب ما فتئ ينحت في التاريخ، يتوارث العزّة والمجد والعنفوان ويستمرّ…
الصورة: ميناء الصيّادين في صور الاثنين في 11 آذار/مارس 2024