بأقلامهم >بأقلامهم
"الترياق المضاد"!
جنوبيات
يُحكى في القرون الوسطى وفي إحدى البلدات الفرنسيّة أنّ النّسوة كنّ يحصلن على سُمّ مُخفّف يضعنه في طعام الرّجل في الصّباح. وعند عودته مساءً يقمن، ومع بداية عتمة الليل، بإعطائه التّرياق المُضاد فلا يعود للسمّ تأثير عليه.
ولكن في حالة عدم عودة الرّجل إلى البيت، ومبيته في مكان آخر، سيتأخّر حصوله على التّرياق، فيُصاب بصُداع، وغثيان، وضيق تنفّس، وكآبة، وآلام مبرحة.
وكلّما زادت فترة الغياب عن البيت كلّما زاد تأثير السّمّ.
وعند عودة الرّجل إلى منزله، تُعطيه زوجته (وبصورة عاجلة) التّرياق بدون علمه، إمّا في الشّراب، وإمّا في الطّعام، فتتحسّن حاله في غضون دقائق.
وكان الرّجل يُخدع بهذه الحيلة، فيُخيّل له أنّ البُعد عن المنزل هو ما يُسبّب له الألم والكآبة والغثيان، فيزداد تعلُّقًا بمنزله وزوجته.
إنّه التّرياق مع بعض من الأخلاق دفع بهؤلاء النّسوة إلى ممارسة ما يعتبرنه حقًّا لهنّ في الدّفاع عن رابطة الزوجيّة المقدّسة بنظرهنّ.
أمّا سياسيّو هذه الأيّام العجاف فقد وضعوا لنا السمّ في كلّ شيء، وفي جميع أمور حياتنا، وسقونا إيّاه مع كمّ من الدّسم الممزوج بالقهر والظّلم والعدوان والحرمان والإذلال.
والأنكى من ذلك كلّه، فإنّهم مع قلّة أخلاقهم، لا بل مع انعدامها منعوا عنّا التّرياق، وأذاقونا الويل والثّبور وعظائم الأمور.
وبتصرّفاتهم غير المسؤولة سيوصلون معظم الشّعب المظلوم إلى القبور.
هذا إن كان لا يزال هناك إمكانيّة لفتحها مع الغلاء الفاحش لتكلفة الموت.
عليهم من الله ما يستحقّون.
"وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون".
صدق الله العظيم.
القاضي م جمال الحلو