بأقلامهم >بأقلامهم
أحياء بلا مقومات حياة!
جنوبيات
هل جربتم أن تناموا تحت خيمة بلا سقف أو منزل ذو سقف لا يشبه السقف؟ هل جربتم أن تناموا والأمطار تدخل بيوتكم؟ هل جربتم أن تناموا وسط الثلوج في ظل غياب وسائل التدفئة؟ هل جربتم أن تعملوا طيلة النهار على وجبة واحدة مكونة من رغيف خبز فارغ أو في أفضل الحالات يحتوي على الزعتر؟ هل جربتم أن يكون منزل دافئ مع سقف متين لا يسمح للأمطار بالدخول هو أقصى أحلامكم؟ هل جربتم أن تحلموا برغيف من اللبنة أو الجبنة ومع ذلك يكون صعب المنال؟ كل ذلك قد يكون أدنى ما يتواجد لدى فئة معينة في مقابل فئة تبحث عن حقوق العيش الكريم ولا تجده.
عاصفات شديدة البرودة تضرب لبنان بشكل متتالي, تفرش بياضها عل المرتفعات لتشكل لوحة فنية خلابة ولكن وسط كل ذلك الجمال, تعد هذه العاصفة بمثابة كارثة على عدد من العائلات خصوصا الفاقدات للمنازل أو بشكل أوضح أساسيات المنازل والذين صنعوا من الخيام منازلا لهم.
فيشرح هؤلاء معاناتهم في ظل أزمة جوية وأزمة اقتصادية خانقة. ويقولون لموقع "جنوبيات": نحن نعيش في منزل من سقف لا يمكن تسميته بالسقف فوجوده يشبه غيابه بحيث يمطر علينا وكأننا وسط المطر بلا سقف فتغرق بيوتنا وتجرف معها اغراضنا المنزلية القليلة وأحيانا حتى الخبز الذي يقيتنا لأيام يصبح غير صالح للأكل".
وعن الثلوج:"فيقولون تغطي الثلوج بيوتنا ومحيطها مما يعرقل التنقل ويحول دون وصولنا الى أعمالنا وبالتالي نخسر الراتب اليومي القليل جدا والذي لا يصل الى الدولار الواحد يوميا, ناهيك عن الأضرار المادية التي تحل بالأراضي الزراعية نتيجة السيول والثلوج".
أما بالنسبة للبرد فيقولون: " لاتسألوا, فنحن نعيش وكأننا على قارة أخرى, البرد يسيطر على بيوتنا وأجسادنا مما يعود علينا بأمراض الشتاء كالرشح. وبالطبع لم نعد نستطيع تأمين فحم ومازوت نتيجة سعريهما المرتفع, فنحن بالكاد نستطيع تأمين ربطة خبز مع القليل من الخضار وان تأمنت، فباتت وسائل التدفئة بالنسبة الينا مستحيلة المنال".
وعلى صعيد اخر, يعبر سكان المناطق الجبلية الفقيرة ويقولون: " نحن تحولنا الى كائنات حية تحاول البقاء على قيد الحياة دون أي هدف اخر, فهل تعلمون أن صحن السلطة والمجدرة الذي كان طبق الفقير بات من أصعب التحصيلات للفقير؟ وهل تعلمون أن مرت أيام علينا ونحن نأكل فتات خبز كي لا نموت وحتى ذلك الخبز يكون يابسا؟ هل تعلمون أننا نمرض دون أن نستطيع شراء دواء؟ هل تعلمون أن أطفالنا يعملون بدلا من أن يعيشوا طفولتهم بين الكتب واللعب؟
ويختمون: "لا نريد تعليم, لا نريد تدفئة, لا نريد دواء ولكن نريد أن نجد طعاما يشبع بطوننا, نريد مياها نظيفة تروي عطشنا لا مياه ملوثة تجعلنا مرضى, نريد أن نعيش".
ربما أسوأ ما في الحياة أنها تكون معنى لفئة وهدفا لفئة أخرى, لربما قصص المعاناة هذه تحرك ضمائر المعنيين وتحاول أن تقدم لهم خدمات معيشية قادرة أن تعطيهم دافعا للاستمرار...فيبقى السؤال: هل من يرى ويسمع؟