بأقلامهم >بأقلامهم
الزجل اللبنانيّ.. وسرعة البديهة
جنوبيات
هذه القصّة الطريفة أخبرنيها نقيب النقباء أستاذنا الكبير عصام كرم "طيّب الله ثراه"، ودوّنتُها في مكتبه في شارع بدارو.
يُقال إنّ عميد الأدب العربيّ طه حسين لم يكن يصدّق أنّ شعراء الزجل يرتجلون ما يقولون.
وفي إحدى زياراته لبيروت دعاه صديق له لحضور حفلة زجل لفرقة شحرور الوادي. ولمّا دخل القاعة، "وكانت الحفلة حامية الوطيس"، رحّب أحد الحاضرين من الجمهور بعميد الأدب العربيّ "الكفيف" قائلًا: "أهلًا وسهلًا بعميد الأدب العربيّ طه حسين".
هنا ارتجل الشحرور على الفور:
أهلا وسهلا بطه حسين
ربّــي أعطـانـي عينـيـن
العين الوحـدة بتكفينـي
خد لك عين وخلّي عين
كان طه حسين يبتسم لتلقائيّة هذه الردّة وظرافتها بينما كان الحضور هائجًا ومائجًا، وإذا بالشاعر عليّ الحاج يرتجل:
أهلا وسهلا بطه حسين
بيلزم لك عينيـن اتنيـن
تكـرّم شحـرور الـوادي
منّـك عيـن ومنّي عيـن
هنا كبرت البسمة على شفتي طه حسين، بينما أصوات الجمهور تتعالى وتكاد تهدّ القاعة، وإذا بأنيس روحانا يفاجئ الجميع بارتجاله هذه الردّة:
لا تقبـل يـا طـه حسيـن
من كلّ واحد تاخذ عين
بقدّم لـك جـوز عيونـي
هديّة لا قرضة ولا دين
ضحك طه حسين وضجّت القاعة أكثر ولكن بخوف، إذ ماذا بقي للشاعر الرابع ليقول؟ لكنّ طانيوس عبده الشاعر الرابع في جوقة الشحرور فاجأ طه حسين والجمهور بقوله:
ما بيلزملو طه حسيـن
عين ولا أكثر من عين
الله اختصّه بعين العقل
بيقشع فيهـا عالميليـن
إنّها سرعة البديهة عند شعراء الزجل في لبنان. حبّذا لو أنّ سياسيّي لبنان يمتلكون سرعة البديهة، والفكر السليم، والحكمة والبصيرة النافذة ليعوا مصير هذا الوطن الحزين، فلا نبكي على الأطلال!