بأقلامهم >بأقلامهم
تجربة إحدى المدارس اللّبنانية في التّعليم عبر الانترنت: كان خيار الضرورة
جنوبيات
"إذا كان ذنب للكبار فما ذنب الصغار؟!" إذا كنّا نحن الكبار قد تعلّقنا فعلاً بالتكنولوجيا وانغمسنا بعالم الانترنت بشكلٍ يصعب علينا - نحن الراشدين - منع أنفسنا عن الاندماج مع هواتفنا الذكيّة ووسائل التّواصل الاجتماعي والتّطبيقات المختلفة، حتّى وصل بنا الأمر إلى مرحلة يصعُب علينا نحن الواعين للجانب المُظلم من هذا التعلّق من تركه فكيف الحال بالصّغار الذين لم يكتمل نموهم الفكري حدّ النّضوج والوعي والإدراك لهذا العالم الواسع الذي أصبح بين أيديهم وفي عدسة أعينهم بين أروقة التشعّبات العصبيّة لأدمغتهم، وهذا كلّه بفضل التكنولوجيا وشبكة الاتصالات المرتبطة بالإنترنت؟
إذًا لا هو ذنب الكبار ولا ذنب الصغار!
في الواقع يجب الإقرار بجدارة التكنولوجيا التي ألغت المسافات وأغدقت على البشرية فوائد جمّة من خلال شبكة الاتصالات العالميّة المرتبطة بالإنترنت فأصبح بإمكان الفرد مغادرة بيته إلى حيث يشاء وهو جالس في مكانه فيحضر عبر الهاتف أو جهاز الكمبيوتر المتّصل بالإنترنت في المحاضرات والنّدوات والمؤتمرات والفعاليّات والصفوف في الجامعات والمدارس افتراضيًّا. ولا يُمكن إنكار فضل التكنولوجيا وأهميّتها في الأزمات والشّواهد كثيرة أبرزها كان التّعليم عن بعد لإنقاذ العام الدراسي للطلاب خلال جائحة كورونا العالمية التي أوجبت إقفال جميع الصْروح التعليميّة. نعم، إنّ هذه التكنولوجيا كانت الحلّ المُنقذ لمتابعة سير الأمور الحياتيّة والتعليميّة والاجتماعيّة والثقافيّة للبشرية أثناء الحجر الصحّي العالمي الذي فرضته جائحة كورونا العالمية، إلّا أنّ لذلك كان تبعات سلبية على الأطفال القاصرين بشكلٍ خاص دون سواهم، أقلّ ما في ذلك تغيّر نمط الحياة الاجتماعية لديهم، وتعرّضهم لمخاطر نفسيّة وصحيّة وأمنيّة..
فإذًا الذّنب هو غياب الوعي المجتمعي الكافي لتنمية قدرات الكبار على التّعامل مع هذا المستجد في حياتهم لحماية صغار هذا المجتمع ومستقبله. وفي هذا الصّدد أجرى موقع أمان الأطفال مقابلة مع عدد من مديري المدارس، المدرج في مناهجها استخدام الوسائل التعليميّة التكنولوجيّة، للاستفادة من ملاحظاتهم المبنيّة على التّجربة العمليّة والاحتكاك المباشر مع التلاميذ، فمنهم من رفض التّصريح ومنهم من صرّح ولكن رفض النّشر احترامًا لأنظمة المدرسة الداخلية التي لا تسمح بنشر اسم المدرسة في الصّحافة، ومنهم من صرّح باقتضاب ومنهم من ذهب إلى أقصى درجات الشّفافية والتّعاون في سبيل نشر الوعي وتوجيه رسائل الى المعنيين لأخذ الإجراءات المناسبة حرصًا على مستقبل الأطفال وأمنهم الاجتماعي والثقافي والتربوي والتعليمي.
الصعيد الأكاديمي التعليمي
تتحدّث السيّدة ماريز الحاج (المنسق العام) لمدرسة المحبة- المريجة عن الصعوبات والتحديّات التي واجهها التلاميذ والمدرسة معاً في العامين المنصرمين في ظلّ التّعليم الالكتروني الذي فرضته جائحة كورونا كبديل عن التّعليم الحضوري التّقليدي.
تلخّص الحاج تبعات التّعليم الالكتروني السلبيّة على واقع الحال في أربع نقاط رئيسية:
أوّلاً: غياب الجديّة لدى التّلاميذ في عمليّة التعلّم عن بُعد، حيث سجّلت المعلّمات في المدرسة عدداً لا يُستهان به من التلاميذ الذين كانوا يفتحون رابط الحصّة الوجاهية، ولكن من فتح الكاميرا إمّا للنّوم أو اللّعب أو عدم الجلوس أمام الكمبيوتر حتى تنتهي الحصّة الدراسية، بحيث كانت تحتاج المعلمة للنداء على التلميذ مرارًا وتكرارًا حتّى يُجيب وأحياناً كثيرة تنتظر دون إجابة، وليقدّموا عدداً من التّبريرات تارةً بطء في الانترنت أو انقطاعه وأخرى عطل تقني أو انقطاع الكهرباء وحجج أخرى.
ثانياً: عدم الالتزام بالوقت المحدّد لتسليم الفروض متذرّعين بالحُجج الآنفة الذّكر.
ثالثاً: الاتّكاليّة المُطلقة على الأهل الذين كان بمعظمهم يساعدون أولادهم في الفروض والاختبارات.
رابعاً: غياب الانضباط الصفّي الحضوري حيث كان هناك عدم انضباط في تنفيذ تعليمات المعلّمة في بعض الحالات من حيث الحضور على الوقت دون تأخّر وتنفيذ المطلوب من دون تقصير
خامساً: عدم تفاعل الأطفال في الرّوضات والحلقة الأولى بالشّكل المطلوب حيث لوحظ عدم تمكّن كثير منهم من مسك القلم بالشّكل الصحيح بالإضافة إلى بطء شديد في الكتابة وهذا ما تمّ ملاحظته بشدّة بعد العودة إلى المدرسة حضورياً.
سادسًا: غياب الخصوصيّة للتلميذ والمدرّس أثناء التّعليم الالكتروني وخصوصاً في المنازل المزدحمة بالأطفال ممّا سبّب في بعض الحالات القليل من التّشويش وعدم التّركيز بالنّسبة للطالب الذي يدرس أو المعلم الذي يشرح للمُحاطين بعناصر تشويش في منازلهم.
سابعاً: صعوبات إدارية أثناء التّعليم الإلكتروني من حيث الأعداد والتّحضير للمواد التعليميّة الإلكترونيّة وتأقلم وفهم المعلمين لتطبيق عمليّة التعليم الالكتروني وإدخال المواد التعليميّة إلكترونياً واستقبال الواجبات المنزليّة وتصحيحها أيضاً إلكترونيًا. كما وبعد العودة إلى المدرسة حضوريًّا حيث لوحظ في بعض الحالات تراجع نشاط بعض المعلّمين الذين سبق وأن اعتادوا التّعليم الإلكتروني.