لبنانيات >أخبار لبنانية
نص مشروع القانون التوافقي لتعديل الإنتخابات البلدية في بيروت


جنوبيات
أثمرت الإتصالات والمشاورات التي جرت بدعم الرؤساء الثلاثة ورؤساء الحكومات السابقين، حول الإنتخابات البلدية في بيروت، توافقاً وطنياً واسعاً بين الأطراف السياسية، والأحزاب الرئيسية على ضرورة الحفاظ على المناصفة في مجلس بلدية بيروت، حرصاً على وحدة العاصمة بلدياً وجغرافياً وإجتماعياً، وتأكيداً لدور بيروت ومكانتها في صون الوحدة الوطنية، وتعزيزاً لصيغة العيش المشترك بين اللبنانيين.
وإقتضى التوافق الوطني بين مختلف القوى السياسية الفاعلة، إدخال تعديلات على آلية الإنتخابات في بيروت في قانون الإنتخابات البلدية، وفق النقاط الرئيسية التالية:
1- تكريس بيروت دائرة واحدة في الإنتخابات البلدية، وصرف النظر عن كل الطروحات المخالفة بهذا المبدأ. وآخرها إعتماد تصنيفات المناطق العقارية كدوائر مصغرة يتم إنتخاب عضوين عن كل دائرة.
2- تأكيد مبدأ المناصفة بين المسلمين والمسيحيين في مجلس بلدية بيروت، وفقاً لنسب التمثيل المعتمدة حالياً في تكوين المجلس البلدي.
3- إعتماد قاعدة اللائحة المقفلة والتي يجب أن تكون مؤلفة من12 مرشحاً مسلماً، ومثلهم من المسيحيين إلتزاماً بمبدأ المناصفة، ولتنجب ظهور لوائح يطغى عليها لون طائفي معين. ويتم إنتخاب الرئيس ونائب الرئيس وفق تسميتهما في اللائحة.
4- إعتبار كل لائحة غير مكتملة غير شرعية، وكل لائحة لا تراعي المناصفة تناقض ميثاق العيش المشترك ، كما نص عليه دستور الطائف.
5- كل لائحة تتعرض للتشطيب أو لتغيير أسماء المرشحين تعتبر ملغاة، وتناقض قاعدة المناصفة.
6- تعديل صلاحية المحافظ بإعادة المهلة الزمنية لتنفيذ لقرارات المجلس البلدي خلال فترة أقصاها شهر واحد، يُحال بعدها قرار التنفيذ لوزير الداخلية والبلديات، بحكم، الوصاية القانونية.
وفي مايلي نص مشروع القانون المعجل المكرر، الذي وقعه أمس ثلاثة من نواب بيروت هم فؤاد مخزومي(مستقل) ونديم الجميل(الكتائب) ونقولا الصحناوي(التيار الوطني الحر)، على أن يوقعه لاحقاً غسان حاصباني( القوات اللبنانية)، فيما تريث النائبان عماد الحوت وفيصل الصايغ، للعودة إلى مرجعياتهم الحزبية.
نص القانون
الأسباب الموجبة
يتكون مجلس بلدية بيروت من 24 عضوًا يتوزّعون مناصفة بين المسلمين والمسيحيين، وضمن هاتين الفئتين يتوزع الأعضاء على الطوائف التاريخية في العاصمة وفق تقليد معتمد منذ عشرات السنين يعبّر عن وحدة العاصمة وعن رمزيتها ودورها ومكانتها الوطنية.
لقد أثبت أهل بيروت بكل أطيافهم وجميع قياداتهم على مرّ السنين تعلّقًا شديدًا بهذا التقليد لإدراكهم الدور المميّز لمدينتهم ورسالتها كعاصمة لبنان تحتضن الجميع وتعكس النموذج اللبناني الفريد أمام العالم، وواجهوا بذلك كل الطروحات المتطرّفة من أية جهة أتت.
الطروحات التي تخرج إلى العلن بين حين وآخر والتي يقتضي الوقوف إلى جانب أهل بيروت في مواجهتها، نوعان، نوع أول يتذرّع باستقلال القرار المحلّي في أحياء من المدينة ذات أكثريات واضحة أو يشتكي من سوء إدارة أو سوء خدمات في تلك الأحياء وعلى الأساس المذكور يجنح نحو المطالبة بتقسيم بيروت ويطرح اقتراحات متنوعة في هذا الإطار مستعينًا بأمثلة من مدن وعواصم أخرى لا تنطبق على بيروت ولا تشبهها وتختلف عن طبيعة وتكوين الشعب اللبناني عامة والبيروتي خاصة. ونوع آخر يتذرّع بالظلم في الخدمات أو التوظيف أو التمثيل في إدارة شؤون العاصمة ويغرق في المزايدة ويستخدم عنصر العدد في محاولة التعويض عن ذلك الظلم.
إن هذه الطروحات وتلك تشكل خطرًا على العاصمة ووحدتها ودورها الوطنيّ ورسالتها العالمية، ويقتضي تحصين رغبة أهل بيروت وإرادتهم وتصميمهم على العيش الواحد وعلى إدارة شؤونهم المحلية بالطريقة التي تعكس طبيعتهم وتاريخهم وتضمن مستقبلهم. والتحصين المطلوب يتطلب تدخّل المشترع لتأمين القواعد القانونية الضامنة لتحقيق الإرادة البيروتية العارمة في هذا الاتجاه ومنع الوقوع في محظور الإخلال بالتقليد التاريخي في إدارة العاصمة.
لقد سبق للمشترع أن أحاط بيروت بعناية تشريعية خاصة في قوانين البلديات المتعاقبة بما في ذلك القانون الحالي قبل تعديله في العام 1997، والهدف هو الحفاظ على التقليد التاريخي في تكوين مجالسها البلدية. ومن المهم الإشارة إلى تلك التشريعات للاطلاع على السوابق التشريعية ذات الصلة والوقوف على أهمية اضطلاع المشترع بدوره في هذا الإطار.
فقد نص قانون البلديات الحالي(المرسوم الاشتراعي رقم 118/1977) بصيغته الأولى على الأحكام التالية:
المادة 11 الملغاة من قانون البلديات:
1-"ينتخب اعضاء المجلس بالتصويت العام المباشر وفقا للاصول المتبعة في الانتخابات النيابية.
2- تؤلف البلدية دائرة انتخابية واحدة.
3- يراعى فيما خص بلدية بيروت احكام المادة 12 من هذا القانون."
المادة 12 الملغاة من قانون البلديات:
"يختار أعضاء المجلس البلدي في بيروت وفقا لما يلي:
-ستة عشر عضوا ينتخبون عدديا على اساس تقسيم الدوائر الانتخابية النيابية في بيروت .
-ثمانية اعضاء يعينون بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء."
وقد ألغيت المادتان المذكورتان بموجب القانون رقم 665 تاريخ 29/12/1997 (تعديلات على بعض النصوص في قانون انتخاب اعضاء مجلس النواب وقانون البلديات وقانون المختارين).
كذلك نصت المادة 127 من المرسوم الاشتراعي رقم 5 تاريخ 10/12/1954(قانون البلديات الأسبق الملغى) على ما يلي:
"تناط السلطة التقريرية بمجلس بلدي يتألف من اربعة وعشرين عضوا في بيروت وثمانية عشر عضوا في طرابلس واثني عشر عضوا في الميناء ينتخب نصف الاعضاء بالاقتراع العام وفقا لاحكام المادة 14 وما يليها ويعين النصف الاخر بمرسوم من بين الاشخاص الذين شغلوا احدى الوظائف التالية: رئيس دولة، رئيس حكومة، وزير، نائب، رئيس أول أو نائب عام في التمييز والاستئناف، رئيس استئناف، مدير عام، ومن رجال الاختصاص من حملة الشهادات العليا ومن اعضاء النقابات والهيئات المنظمة المعترف بها."
لطالما كانت بيروت محل اهتمام تشريعي لضمان تحقيق صورتها الناصعة في تشكيل مجالسها البلدية. ولكن تحقيق تلك الصورة يجب ألا يكون باللجوء إلى التعيين كما حصل في قوانين سابقة بل عبر الحفاظ على حق أهل بيروت باختيار ممثليهم عن طريق الانتخاب.
واليوم تبرز أهمية دور المشترع في العمل في هذا الاتجاه في ضوء الاتجاهات والطروحات المغايرة لإرادة الأكثرية الواعية في المدينة، إذ يقتضي العمل على إزالة أسباب النجاح من أمام تلك الطروحات التي تسعى إلى تبديد إرث المدينة الوطني ونسف صيغة إدارتها وتقاليدها الراسخة. وفي هذا الإطار تقتضي الإشارة إلى البعد الدستوري للتدخل التشريعي المطلوب.
فقد نصت مقدمة الدستور على المبادئ التالية:
ح - الغاء الطائفية السياسية هدف وطني اساسي يقتضي العمل على تحقيقه وفق خطة مرحلية.
ط - أرض لبنان أرض واحدة لكل اللبنانيين. فلكل لبناني الحق في الاقامة على أي جزء منها والتمتع به في ظل سيادة القانون، فلا فرز للشعب على اساس أي انتماء كان، ولا تجزئة ولا تقسيم ولا توطين.
ي - لا شرعية لاي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك.
وحيث أن المبادئ التي تضمنتها الفقرات الثلاث المذكورة من مقدمة الدستور هي مترابطة ومتكاملة ويقتضي مراعاتها من خلال التشريع ولا سيما في التشريعات المتعلقة بتكوين المؤسسات. الأمر الذي يعني وجوب اعتماد المواءمة بين هذه المبادئ على وجه الخصوص في المؤسسات اللامركزية ولا سيما في ما يتعلق بإدارة العاصمة.
وحيث أن الهدف الوطني المتمثل بإلغاء الطائفية السياسية الذي نصت علية الفقرة (ح) من المقدمة، يجب أن يتم العمل عليه من خلال احترام المبادئ المنصوص عنها في الفقرة (ط) من مقدمة الدستور: "أرض لبنان أرض واحدة لكل اللبنانيين... فلا فرز للشعب على أساس أي انتماء كان، ولا تجزئة ولا تقسيم ولا توطين."، والفقرة (ي): " لا شرعية لأي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك."
وحيث أن ضمان وحدة لبنان من وحدة عاصمته وهذه الوحدة تكون من خلال الحؤول دون أي تجزئة أو تقسيم أو فرز للشعب كما تنص الفقرة (ط) من مقدمة الدستور، وعن طريق طريق الحؤول دون تكوّن سلطات محلّية بلدية تناقض ميثاق العيش المشترك لأنها تكون عندها فاقدة للشرعية كما تنص الفقرة (ي).
وحيث أن ضمان المناصفة وحفظ التقليد العريق في مجالس بلدية العاصمة لا يتناقض مع هدف الفقرة (ح) الرامي إلى إلغاء الطائفية السياسية، بل على العكس يعتبر تأمين الضمانات التشريعية اللازمة سببًا لإطفاء نار الطائفية ومنع استخدامها في إطار الحملات الانتخابية والمزايدات السياسية الطائفية. وبذلك يتحقق الموجب الدستوري.
وتطبيقًا للمبادئ المذكورة يجب أن تبقى مدينة بيروت موحّدة، وفيها بلدية واحدة يديرها مجلس بلدي واحد، على أن يكون لها نظام انتخابي خاص يضمن صحة التمثيل والتوازن الوطني المطلوب فيها بصفتها عاصمة لبنان.
وحيث أنه لتحقيق هذا الهدف الوطني ينبغي أن يكون التنافس الانتخابي البلدي في بيروت محاطًا بالقواعد التالية:
-أن يحصل التنافس بين لوائح مكتملة من أربع وعشرين عضوًا يتم تعيين الرئيس ونائب الرئيس فيها.
-أن يكون تشكيل اللوائح مراعيًا للمناصفة وللتقاليد المعمول بها في بيروت.
-أن يكون الشطب واستبدال الأسماء من اللوائح المتنافسة ممنوعًا.
وبالإضافة إلى القواعد المذكورة لا بد من تأمين سبل نجاح المجالس البلدية في بيروت وسائر البلديات في المدن والقرى والتي تعاني من تعطيل أعمالها في كثير من الأحيان ومن اختصار أدوار المجالس البلدية برئيسها، وتحتاج إلى تأمين السرعة في تنفيذ القرارات البلدية القانونية والتي تصب في المصلحة العامة. الأمر الذي يتطلب وضع الضوابط التشريعية التي تسهّل تنفيذ القرارات البلدية وتمنع تعطيلها.
وفي هذا الإطار كان المشترع يضع في القوانين السابقة ضمانات خاصة لتنفيذ القرارات في بلدية بيروت، وهذا النوع من الضمانات ينبغي أن يشمل جميع البلديات.
فعلى سبيل المثال كان قانون البلديات العائد للعام 1963 (القانون رقم 29 تاريخ 29/05/1963 الذي ألغي بموجب القانون الحالي)، كان ينص على ما يلي:
المادة 113:
"يتولى اعمال السلطة التنفيذية في بيروت المحافظ. ويمارس وزير الداخلية الصلاحيات المنصوص عنها في المادة 67 من هذا القانون."
والمادة 114:
"إذا لم يباشر المحافظ في بيروت تنفيذ قرارات المجلس البلدي خلال شهر واحد من تاريخ ابلاغها اليه صالحة للتنفيذ يخطره المجلس البلدي بوجوب التنفيذ. فاذا لم يذعن لهذا الاخطار في مهلة عشرة ايام عهد المجلس بالتنفيذ الى رئيسه."
وإذا كان تحديد المهلة للمباشرة بالتنفيذ أمرًا مفيدًا ويستحسن إعادة العمل به وتعميمه ليشمل جميع البلديات ولا يقتصر على بلدية بيروت، إلا أنه ينبغي أن يتم تجنّب الجانب السلبي من النص القديم والذي يتعلق بالنتيجة التي تترتب على تجاوز المهلة في القانون السابق المذكور، أي قيام رئيس المجلس البلدي بالتنفيذ، لأن هذه النتيجة كانت تصطدم بكون الإدارة البلدية تتبع قانونًا لرئاسة المحافظ الأمر الذي يؤدي إلى اضطراب في العمل البلدي في حال الخلاف.
وبالتالي من المفيد اليوم أن يعاد العمل بالمهلة المحددة للمباشرة بتنفيذ قرارات المجالس البلدية على أن تكون النتيجة التي تترتب على تجاوز هذه المهلة هي تطبيق قاعدة الحلول التي تنص عليها المادة 135 من قانون البلديات الحالي:
إذا تمنع المجلس البلدي او رئيسه عن القيام بعمل من الاعمال التي توجبها القوانين والانظمة، للمقائمقام ان يوجه الى المجلس البلدي او الى رئيسه امرا خطيا بوجوب التنفيذ خلال مهلة تعين في هذا الامر الخطي فاذا انقضت المهلة دون التنفيذ حق للقائمقام بعد موافقة المحافظ ان يقوم بنفسه بذلك بموجب قرار معلل. يسجل قرار القائمقام في سجل القرارات المنصوص عليه في المادة 44 من هذا المرسوم الاشتراعي ويخضع لتصديق سلطة الرقابة الادارية عند الاقتضاء.
وهذا على أن يكون تطبيق هذه المادة في ما يتعلق ببلدية بيروت من قبل وزير الداخلية والبلديات، انسجامًا مع الوضع التشريعي الخاص بها.
لذلك تم إعداد اقتراح القانون الحاضر بصيغة المعجّل المكرر وبمادة وحيدة على أمل التفضّل بعرضه على مجلس النواب وإقراره بالسرعة المطلوبة.
اقتراح قانون أحكام خاصة بانتخاب مجلس بلدية بيروت
مادة وحيدة:
1-تتألف بلدية بيروت من دائرة انتخابية واحدة ويتكون مجلسها البلدي من أربع وعشرين عضوًا يتوزّعون مناصفة بين المسيحيين والمسلمين.
تُعتمد في الانتخابات البلدية في مدينة بيروت اللوائح المقفلة المؤلفة من العدد المكتمل وفق القاعدة المنصوص عليها في الفقرة السابقة، ويتم تحديد الشخصين المرشّحين في كل لائحة إلى منصبَي رئيس المجلس البلدي ونائبه.
تفوز في الانتخابات البلدية، برئيسها ونائب رئيسها وكامل أعضائها، اللائحة الحاصلة على أكبر عدد من الأصوات.
2-مع مراعاة الأحكام الواردة أعلاه تبقى الانتخابات البلدية في مدينة بيروت خاضعة للنصوص القانونية النافذة التي لا تتعارض مع أحكام هذا القانون.
3-يجوز تطبيق قاعدة اللوائح المقفلة المؤلفة من عدد مكتمل من المرشحين يوازي عدد الأعضاء الذين تتألف منهم المجالس البلدية، والتي تتضمن تحديد الأشخاص المرشحين لمنصبَيْ الرئيس ونائب الرئيس، في سائر البلديات في المدن والقرى، ولا سيما في بلديات مراكز المحافظات والبلديات الخاضعة لقانون المحاسبة العمومية ولرقابة ديوان المحاسبة، وذلك بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء.
4-إذا لم يباشر الشخص الذي يتولى أعمال السلطة التنفيذية في البلدية (رئيس المجلس البلدي، أو نائبه في الأحوال التي يحل فيها محله، أو المحافظ في بيروت) تنفيذ قرارات المجلس البلدي خلال شهر واحد من تاريخ إبلاغها اليه صالحة للتنفيذ، يجوز اعتبار ذلك تمنّعًا عن القيام بعمل من الأعمال المتوجبة قانونًا وتطبيق المادة 135 من قانون البلديات، على أن يمارس وزير الداخلية والبلديات صلاحية الحلول في ما يتعلق ببلدية بيروت.
5-يُعمل بهذا القانون فور نشره.
ومن المتوقع أن يتم،تقديم مشروع القانون المعجل المكرر للأمانة العامة لمجلس النواب قبل ظهر بعد غد الإثنين. وكان الرئيس نبيه برّي، الذي شجع الإتصالات التوافقية، قد إبدى إستعداداً لتمرير مشروع القانون في المجلس النيابي قبل موعد الإنتخابات البلدية