بأقلامهم >بأقلامهم
الركون الى الواقع
الركون الى الواقع ‎الجمعة 22 09 2023 10:55 د.هبة المل أيوب
الركون الى الواقع

جنوبيات

نمشي في السوق وننظر الى المارّة نجد ان الناس كثر وهم على اختلاف الألوان والأجناس، نقول ان الحياة تعصف بالصخب والضجيج، كل منهم يريد حاجاته الملّحة والتي لا تنتظر التأجيل او التأخير، ننظر الى انفسنا نرى أننا في زحمة خانقة يشوبها الإنتظار، اذا قمنا بعملية حسابية بسيطة نجد اننا واحد من اصل رقم قد لا يمكن احصاءه او عده ، نطيل النظر بعيدا نرى صفوف السيارات وتلوث الهواء ، نحاول الهرب حيث الضجيج أخف وطأة وأقل صخباً، نمشي ونمشي ثم نحاول الشراء من التاجر الذي يحاول ان يكون هو المستفيد الأكبر، نقف عنده ولا نعرف اذا كان جشعا  او ذا أخلاق في البيع، على الرغم من أننا حرصنا على الإنتقاء، لكن لا بد من خوض التجربة بحلوها وبمرها، بعد ان نكون انهينا العملية الشرائية ندخل في عملية حسابية للتأكد من الأمر، دوامة الحياة لا تنتهي والناس لم تعد على بساطتها بل الكل يريد ان ينهش ويستغل الموقف ، الموظف الذي يقبض بالليرة اللبنانية كيف عساه يتدبر الوضع، واي عملية حسابية يدخل في دهاليزها التي في الغالب لا مخرج منها، ولا سبيل للتخفيف من وقعها ، الدولة نائمة والسياسيون يتشدقون ويثرثرون ، انهم يتمتعون بالحنكة السياسية والكذب والخداع واللعب على الكلام ، ماهرون في الإقتباس وفي التمويه والتمظهر، هل حاولوا النزول الى ارض الواقع؟ الى رقعة الحرب التي يموت فيها الرجل الحق ألف موتة لتأمين ثمن ربطة خبز لعائلته التي غالبا تكون في انتظار مرتقب،  والتي تعبت من الحالة التي وصلوا اليها، السؤال من يريد الإصلاح ؟ من يريد لملمة الجراح بعد ان ادمت وباتت معرضة لتلوث الهواء الغير نقي؟ أين هم الرجال اللذين صنعوا التاريخ؟ هل هم لا يتكررون ام انهم لم يكتشفوا نقاط قوتهم وسر وجودهم وعملوا على بلورتها واظهارها للعيان ؟ ماذا يحتاج وطننا، أيحتاج الى ثورة شعبية أم انقلاب يهز واقعنا الدامي؟  

الكل راض وساكت ويفتش عن حلول آنية أي عن مسكنات للوجع ولا يفتشون عن الدواء الحقيقي للمرض العضال الذي ألمّ بالبلد، هل باتوا مبرمجين على الحالة التي نحن عليها، أم انهم خائرون القوى  وفارغون المضمون، يعيشون كما الآخرون لا يسعون الى تغيير قيض انملة ، نائمون لا يلاحظون ما يجري حولهم انهم قانعون بما هم عليه على الرغم من انهم يخوضون معارك الحياة كل يوم ، ويتشاركون الويلات والمآسي، هم هم لا يتذمرون ولا يزمجرون، كأنهم يقولون أو يتهمون القدر وبالتالي يستسلمون ويتكاسلون، حقيقة الأمر القدر لم يكتب لهم الخنوع والقنوط، بل كتب لهم السعي الدؤوب والعمل بإتقان، انهم بكل بساطة مخدرون وخاملون، يحتاجون الى هزة تفك ركونهم الى ما هم عليه.
أخيرا نقول ان الإستكانة والقبول لما ألمّ الإنسان من أقدار مكتوبة ما هو إلا تقوقع وتموضع مخزي ، لأن ثمة هروب من قدر الى قدر ذلك بالعمل الدؤوب وبالسعي الزاخم والمشرّف ولما هو لصالح الأفراد ، أي لا بد من النظر الى السماء الى الفضاء الأعلى حيث الإنفتاح لما هو خير للإنسان .

المصدر : جنوبيات