بأقلامهم >بأقلامهم
من "طوفان الأقصى" إلى "طوفان الطلبة والشباب"... ومن "بلفور" إلى غسان أبو ستة
جنوبيات
في مئوية "وعد بلفور" اللعين الذي منح الصهاينة فرصة إقامة نظامهم ودولتهم في فلسطين وتهجير ومحاولات إبادة شعبها، استقبلت تريزا ماي رئيسة وزراء بريطانيا نتنياهو للاحتفال بمئوية تقرير اضطهاد شعب امن وطرده من بلاده وأملاكه لإحلال عصابات من أطياف الدنيا لإنشاء دولة وظيفية.
بريطانيا وحكوماتها ورأسماليتها شكلت منذ هيمنة الرأسمال الصهيوني وأسرة روتشيلد عبئا ووباء على الإنسانية بسبب سياساتها العدوانية وخططها لتدمير وإبادة الشعوب وإحلال جماعات أخرى محلها لتصنيع وإنشاء دول لاضطهاد البشر ونهب خيراتهم وجهدهم.
على نهج بلفور وروتشيلد الجد قدمت تيريزا ماي وعودا لنتنياهو وحفزته على إطلاق مشروعه لدولة يهودية صهيونية خالصة في فلسطين وأغرته بالمساندة والتبني لمحاولات إبادة الشعب الفلسطيني كما هو جار اليوم وتسليح المغتصبين من قطعان المستوطنين لارتكاب المذابح في محاولة لإبادة وطرد الشعب الفلسطيني من دياره.
ولان التاريخ وتاريخ نضال الشعوب يقطع بان الحق القومي والوطني لا يقبل التسوية او القسمة ضلت وتستمر شعلة المقاومة تنتقل من يد ومن جيل إلى يد وجيل وها هي اليوم غزة وشعبها وفصائلها تعيد صناعة العجائب والمعجزات برغم أن الزمن ليس زمن العجائب ولا المعجزات.
"طوفان الأقصى" أعاد صياغة مسيرة الأزمنة والتاريخ ويعيد صياغة الواقع واتجاهات المستقبل، فهكذا صنعت غزة أسطورة وأنتجت حدث غير مسبوق أهم ما فيه دلالاته وإرهاصاته بان المستقبل والقريب منه لن يكون لبلفور ولا لوعده ولا لتريزا ماي ونتنياهو وأوهامهم بتجديد الوعد وتحقيق حلم العدوان الظالم بان تكون أو تقوم على ارض الطهارة والقداسة دولة لغير أهلها وقد جبلت كل ذرة رمل وتراب من فلسطين بالدماء الذكية وبالأرواح الطاهرة.
زمن فلسطين والعالم وحقائق صناعة مستقبل البشرية تجري اليوم. وتنسج صورتها في غزة وصمودها وثبات أهلها وقدرتهم الهائلة على التحمل والصبر والمقاومة.
غزة و"طوفان الأقصى" ونضال الشعب الفلسطيني بعد قرن ونيف على وعد بلفور تشق طريق البشرية كلها إلى عالم جديد يخلو من براثن وقيم وممارسات العالم الانجلو ساكسوني الذي بنته وأطلقته الرأسمالية الانكليزية ووسمته بسماتها وبقيمها العنجهية للحياة البشرية وانتزاع إنسانية الإنسان.
قرن ونيف والقضية الفلسطينية محورية في تقرير مسارات الأحداث والتطورات في العرب وإقليميهم وفي العالم وتوازناته. فالدول والنظم والنخب التي أنشأت وأقيمت وتعيش على الاغتصاب والحروب ونهب الثروات وتدمير الشعوب باتت عبئا ثقيلا على البشرية تنشد الخلاص الأبدي منها.
صدى "طوفان الأقصى" وحقيقته وهدفه باستعادة الحق القومي كاملاً، يطلق ثورة الجامعات والطلاب وجيل الشباب المتحرر من افتراءات وأكاذيب، لتقود الجمعيات والحركات التقدمية اليهودية والطلاب اليهود ثورة شبابية طلابية عارمة تضرب في العمود الفقري وفي الجملة العصبية لعالم الإبادة والاضطهاد والحروب في أميركا وبريطانيا وأوروبا ونخبتهم التي تقود وتقاتل مع نتنياهو والعصابات المتطرفة لإبادة غزة وتهجيرها.
ثورة طلاب أميركا واتساع حلقات المناصرة والمؤازرة وهتافات الطلاب والشباب لتحرير فلسطين وإعادتها لأهلها في زماننا إنما يمثل دليلاً وإرهاصاً قاطعا أن البشرية لم تعد تقبل ظلم ولا تساند عصابات الإبادة والسيطرة واحتلال الأوطان وتهجير الشعوب وتتجاوز كل القيم والقوانين والقواعد وتمارس حرب إبادة سافرة في غزة لتحقيق "وعد بلفور".
إن صمود وبسالة وتضحيات غزة ورجالها المبدعين بقدراتهم وبحكمتهم وبسيطرتهم على مسرح الحرب. وتضامن شعوب وأمم العالم معهم ونصرتهم وثورة الطلاب والشباب في أميركا وأوروبا إنما هي تأكيد قطعي على استهلاك ونفاذ زمن العدوان والوعود الظالمة وعود من لا يملكون لمن لا حق لهم.
"طوفان الأقصى" وبطولات غزة والتفاف الأمة بشعوبها وطلائعها الحية وتفاعل شعوب وأمم وشباب وطلاب العالم مع فلسطين والهتافات لتحريرها الآن وفي زمننا تمثل الرد على وعد بلفور ووعد تريزا ماي وأوهام نتنياهو وتعكس مسارات الأزمنة والتاريخ لتعيد الهرم جالسا على قاعدته لا على رأسه.
فتكون مهمة تحرير فلسطين جارية على قدم وساق ولن يطول موعدنا مع أقصانا وكنيسة القيامة والمهد لنصلي فيها ونتلوا الفاتحة على أرواح الشهداء والدعاء للجرحى بالشفاء وللمهجرين واللاجئين بالعودة الميمونة إلى أملاكهم وبيوتهم.
بين وعد بلفور المشؤوم وغسان أبو ستة تتلخص قصة فلسطين، وتتجسد العزيمة والإرادة والنضال الفلسطيني، فبلفور صاحب الوعد الذي تسبب بنكبة الشعب الفلسطيني كان في يوما ما رئيساً لجامعة "غلاسكو"، واليوم طبيب فلسطيني لاجئ عانى وعائلته من آثار هذا الوعد والهمجية الإسرائيلية يصبح رئيسا لجامعة "غلاسكو"، في وقت يشهد فيه العالم "طوفان الشباب والطلاب" الأحرار يهتفون الحرية لفلسطين، رغم كل محاولات نفي الشعب الفلسطيني وسرديته وحقه.
إن هذا الإبداع الفلسطيني في ميادين العالم، وفي شتى المجالات، وتضحيات شعبنا في مختلف مناطق تواجده، وهذه الأصوات الحرة التي بدأت تعلو وترتفع تؤكد بأن هذا الشعب سيتنصر، وسينتزع حقوقه، وسنشهد قريباً رفع علم فلسطين فوق أسوار وكنائس ومساجد القدس.