بأقلامهم >بأقلامهم
على هامان يا فرعون؟!
جنوبيات
كـان فـرعـون يـدّعـي الألوهيّة ويـتـظـاهـر بـأنَّـه هـو الـذي خـلـق هـذه الـمـخـلـوقـات الـتـي تـدبّ فـوق الأرض. وكـان كلّما جاءه بـعـض كـبـار رعـيّـتـه لـلـزيـارة وأخْذ البركة احـتـجـب عـنـهـم، بـذريعة أنّـه يـقوم تارة بخـلـق الغنم، وتارة أخرى الإبل، وطورًا البـقـر وهـكـذا دواليك.
وكـان هـامـان يعمل وزيـرًا لدى فـرعـون ويـعـرف مـداخـلـه ومـخـارجـه وأسـراره. ويـعـلـم أنَّ أمـر الألوهيّة الـتـي يـدَّعـيـهـا فـرعـون أمـر يـنـطـلـي عـلـى الـجـمـيـع، ولا ينطلي عـلـيـه. فهـو يـعـرف كـذب ادّعـائـه وزيـف حـركـاتـه. وذات يـوم جاء هامان لـمـقـابـلـة فـرعـون فـمـنـعـه الـحـاجـب مـن الـدخـول بـحـجّة أنّ فـرعـون مـشـغـول فـي ذلـك الـيـوم بخـلـق الإبـل، فرجـع هـامـان مـن حـيـث أتـى. ثـمّ عـاد إلـى فـرعـون فـي يـوم آخـر، وعـنـدمـا قـابـلـه عـاتـبـه عـلـى مـنـعـه مـن الـدخـول فـي الـيـوم الـفـائـت مـن قـِبـَل الـحـاجـب. فـقـال فـرعـون : إنّـنـي كـنـت مـشـغـولًا حقًّا! ووقـتـهـا كنتُ أقوم بـخـلـق الإبـل. عندها قال هـامـان لـفـرعـون تـلـك الـمقولة الشهيرة الـتـي صارت مـثـلًا : "عـلـى هـامـان يـا فـرعـون"؟!
ويُـضـرب هذا المثل:
"في من يـخـدع الأبـعـديـن ولـكـنّـه لا يـسـتـطـيـع أن يـخـدع الأقـربـيـن". "ومـن يـخـدع الـسُّـذّج والـمـغـفّـلـيـن ولـكـنّـه لا يـسـتـطـيـع أن يـخـدع الأذكـيـاء والـعـارفـيـن".
واشـتُـهـر هذا المثل حتّى يومنا هذا،
(عـلـى هـامـان يـا فـرعـون)، وهـو مـثـل يـحـمـل الـمـعـنـى نفسه الـذي تـحـمـلـه أمـثـال أخـرى مِنـهـا المثل الشعبيّ: "دافنينو سوا".
وفي هذا الوطن الجريح نقول:
هناك الكمّ الهائل من الفراعنة، لكلّ منهم "هامان" يفهم عليهم ويلبّي حاجاتهم ورغباتهم، والكثير ممّن امتهن إذلال الشعب وإفقاره يصدح قائلًا لأترابه: لا عليكم فنحن "دافنينو سوا"...