بأقلامهم >بأقلامهم
ذكرى 14 شباط 2025.. حان وقت "المستقبل"!!!
ذكرى 14  شباط 2025.. حان وقت "المستقبل"!!! ‎الاثنين 10 02 2025 18:04 حنان نداف
ذكرى 14  شباط 2025.. حان وقت "المستقبل"!!!

جنوبيات

تطل ذكرى استشهاد الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط هذا العام مختلفة تمامًا في ظل إعادة تشكيل معالم المنطقة جراء ما شهدته من زلازل، بدءًا من حرب غزة وفتح جبهة الإسناد في الجنوب وما تسببت به من حرب شاملة في لبنان، مع ما شهدته سوريا من تحول كبير بسقوط نظام بشار الأسد وتصدر هيئة تحرير الشام للمشهد.

وسط هذه التحولات والمتغيرات، يبقى مشروع ونهج رفيق الحريري ثابتًا لا يتغير، يتقدم على ما عداه عنوانًا لكل من ينادي بمفهوم الدولة. ذلك أن هذا النهج في جوهره قائم على أساس بسط دولة القانون والمؤسسات لسيادتها، وإطلاق ورشة إعادة إعمار البشر كما الحجر!

عشرون عامًا مضت وبقي رفيق الحريري أيقونة البناء والتقدم والإعمار. عشرون عامًا مضت وهو مدرسة نتعلم فيها كل يوم أن لا خيار لنا سوى الدولة، وتراصف الجميع تحت سقفها كحجر زاوية من أجل نهوضها وتقدمها. عشرون عامًا مضت ونحن نتثبت أكثر من أي وقت مضى أن لا بديل عن هذا النهج، وأن تقادم السنين زاده وهجًا وأكثر حاجة!

وسط هذه التحولات تطل الذكرى هذا العام والعيون شاخصة إلى حامل الأمانة، ابن الشهيد الرئيس سعد الحريري، وهو الذي قرأ باكرًا في كتاب تحولات المنطقة يوم قرر تعليق العمل السياسي مع الاستمرار في خدمة "أهلنا وشعبنا ووطننا"، والتمسك بمشروع رفيق الحريري القائم على فكرتين: منع الحرب الأهلية وتأمين حياة أفضل للبنانيين. قالها يومها الرئيس الحريري في خطابه الأشهر يوم أعلن تعليق تيار المستقبل للعمل السياسي، معتبرًا أن لا مجال لأي فرصة إيجابية للبنان في ظل النفوذ الإيراني، والتخبط الدولي، والانقسام الوطني، واستعار الطائفية، واهتراء الدولة.

كان الزعيم الوحيد بين كل الأفرقاء الذي امتلك من الجرأة الكافية ليصارح اللبنانيين، معترفًا بأن تحقيق منع الحرب الأهلية في لبنان كلفه تسويات (من اتفاق الدوحة إلى انتخاب ميشال عون وقانون الانتخابات وغيرها)، وكلها جاءت على حسابه وكانت السبب في عدم اكتمال النجاح في تأمين حياة أفضل للبنانيين، وترك للتاريخ أن يحكم.

مرت ثلاث سنوات على خطاب "التعليق" المحفوظ للتاريخ، وبقيت ساحة 14 شباط، حيث يرقد رفيق الحريري بسلام، وفية لنهجه ووفية لحامل الأمانة سعد الحريري. تلاقيه فيها مجددة العهد والوفاء كما في كل عام، لا بل أكثر برغم الغياب.

بقيت الساحة بجمهورها الأزرق شاهدة على أن لا بديل عن الأصيل، وأن تعليق العمل السياسي لم يُفقد سعد الحريري، بما يمثله من مسيرة للحريرية السياسية، وهجه وألقه على الساحة الوطنية والسنية، بشهادة الخصم قبل الحليف، والبعيد قبل القريب.

يعود سعد الحريري في 14 شباط إلى الساحة نفسها هذا العام، يعود في لحظة سياسية يحاول فيها الجميع التكيف سريعًا مع المتغيرات الجذرية في الحياة السياسية اللبنانية، وقراءة المرحلة المقبلة. والأهم القراءة في كتاب الدستور واتفاق الطائف كركيزة لتصحيح الاعوجاج الذي أصاب النظام لعقود طويلة بابتكار ما يسمى "الثلث المعطل وبدع التشكيلات الحكومية"، التي كانت سببًا في التخريب على عمل رئيس الحكومة وانتظام عمل المؤسسات وإعاقة التقدم، مع ما يحتمه ذلك من خلع ملابس السياسات البالية التي انتزعت لبنان من الحضن العربي، إرضاءً لأجندات خارجية بفعل سحر "فائض القوة" لدى فريق استحكم في البلاد والعباد لعقدين ماضيين من الزمن.

يعود سعد الحريري وهو مرتاح الضمير هانئ البال بأنه كان على صواب يوم قرر مقاطعة الحياة السياسية طالما أن النفوذ الإيراني لا يزال مستحكمًا في البلاد بأدوات داخلية، وبعدما أدى قسطه إلى العلا. وهو مدرك تمامًا أن التاريخ يدون في سطوره فقط لأصحاب المواقف الوطنية والتاريخية التي تضحي بالسلطة لأجل أن يبقى الوطن.

نعم، 14 شباط هذا العام مختلف، ومختلف تمامًا. فالساحة على موعد مع تسونامي الوفاء مجددًا، والآذان صاغية لخطاب طال انتظاره، ولكنه يأتي في الوقت المناسب، تمامًا كما قالها لنا الرئيس: "كل شي بوقته حلو". فقد حان وقت "المستقبل"!

ولأن "السما بطبيعتها زرقا"، كلنا أمل بعودة الرئيس إلى الحياة السياسية لإعادة التوازن إليها، وفتح صفحة جديدة في تاريخ البلاد عنوانها "لبنان أولًا".

 

المصدر : جنوبيات