بأقلامهم >بأقلامهم
ستسطعُ شمسُنا من جديد..!



جنوبيات
جاهرتُ بالنسيانِ..
مرّاتٍ ومرّاتٍ..
لكنَّكِ ما زلتِ قيدَ الروحِ ..
ظلًّا يُرافقني في الجهاتِ كلِّها..
شُرفةً أطلُّ منها على المعاني ..
عينًا تُحدِّقُ في أفقِ الغيابِ..
وحُلمًا يورقُ في شقوقِ المسافاتِ ..
أرسمُ ملامحَكِ على صدرِ الصَّخرِ ..
أُنقشُ ظلَّكِ على جذعِ زيتونةٍ مُعَمَّرةٍ ..
وأعلِّقُ اسمَكِ في أعناقِ الريحِ ..
يُردِّدهُ البحرُ ..
تهتفُ به الموجاتُ ..
ويحملهُ الأُفُقُ نشيدًا أزليًّا...
***
يا قُدسَ القلبِ، يا وهجَ الفجرِ ..
يا كنعانيّةَ الطينِ والخطواتِ ..
يا عربيّةَ الصّوتِ والسّماتِ ..
أنتِ نشيدُنا الأبديُّ ..
والرايةُ التي لا تهوي ..
والنَّبضُ الذي يُشعلُ فينا الشّعلةَ الأُولى...
***
لأجلكِ تنحني الجباهُ إجلالًا ..
ويُهرَقُ الضَّوءُ قربانًا ..
ويَهِبُ الشهداءُ أرواحَهم ..
لأنَّكِ قدسُ الطُّهرِ ..
محرابُ الصّلاةِ ..
وسِفْرُ البقاءِ العصيُّ على المحوِ...
***
أنا لا أستجيرُ بسرابٍ زائلٍ ..
لا أستقي الحُبَّ من كأسِ الوَهمِ ..
بل من زعترِكِ البريِّ ..
حين يورقُ في خاصرتِكِ الشَّمسُ ..
وحين تنتفضُ الأرضُ مِن جُرحِها ..
لتتفجَّرَ ينابيعُ العطاءِ مِن جديدٍ ..
ويُولَدَ النُّورُ من رحمِ العتمةِ...
***
أنا المُتَّكئُ على نَبضِكِ ..
أُدركُني كلّما ناداني صهيلُكِ..
أُعيدُ تكويني حين يهدرُ دمُكِ في عروقي ..
فينتصبُ صوتي كبرجٍ شاهقٍ ..
ويشتعلُ وجهي كجمرةِ النِّداءِ ..
فأقرعُ أجراسَ الرفضِ ..
وأدُقُّ طبولَ العاصفةِ ..
ولا أصمتُ، ولن أهدأَ ..
***
حُبُّكِ جمرٌ يضيءُ القلبَ ..
عشقٌ مُتمرِّدٌ لا يَخمدُ ..
ألمٌ يزهرُ في ضفافِ الأملِ ..
أقولُ لهُ حين يورقُ الزعترُ:
ها قد عادَ النّورُ ..
وهبَّ الصّباحُ مِن قيودهِ ..
وتدفَّقَت الأرضُ بعُشبةِ الحريَّةِ ..
فهدأَ في القلبِ أنينُ المواجعِ...
***
يا من عرفَ الشّمسَ ولم يخُنها ..
كيفَ يَسكنُ الظلَّ ويؤوي الظلامَ ..؟!
بئسَ العتمةُ حين تُطوى الحقيقةُ..
وبئسَ الغزاةُ حين يسرقونَ الضّياءَ.
انهضْ من سُباتِك ..
انتفضْ من قيدِكَ ..
اغرسْ قدميكَ في صُلبِ الحُلمِ ..
واجعلْ مِن حرفِكَ سيفًا ..
ومن صَوتِكَ قُبلةً على جبينِ الفجرِ.
***
لن يأخذوا منك شمسَك ..
فأنتَ حارسُها الأبديُّ ..
وأنتَ الآيةُ الباقيةُ في سفرِ المجدِ ..
والرايةُ التي لا تُسقطُها الرّياحُ...
عندما يورقُ الزّعترُ..
تنتفضُ الأرضُ ..
يُولدُ الصّبحُ مِن أنفاسِك ..
ويتوهّجُ في أفقِكِ نجمُ النّصرِ..
فتسطعُ شمسُنا من جديد .....!