عربيات ودوليات >اخبار عربية
سورية: سباق لتحرير دير الزور
الثلاثاء 8 08 2017 11:57ريان محمد
لا يزال مستقبل محافظة دير الزور شرق سورية، والتي يسيطر عليها تنظيم "داعش" باستثناء بعض أحياء المدينة ومطارها العسكري، ضبابياً حتى اليوم، في ظل تعدد الجهات الساعية إلى أن ترث مناطق التنظيم. هناك من جهة، فصائل مسلحة معارضة مدعومة من "التحالف الدولي" بقيادة الولايات المتحدة التي تدعم، عبر برنامج "وكالة الاستخبارات الأميركية" (سي آي إيه) بعض الفصائل في البادية، على الرغم من إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب، عن وقف برنامجها للتدريب والدعم في سورية. وهناك، من جهة ثانية، القوات النظامية والمليشيات الطائفية التي تتقدم، بدعم روسي، من ثلاثة محاور بهدف الوصول إلى مدينة دير الزور وفك الحصار عما تبقى تحت سيطرتها من بضعة أحياء إضافة إلى المطار العسكري ومقر "اللواء 137".
ولا يبدو أن فصائل دير الزور الرئيسية وهي "جيش أسود الشرقية" و"جيش الشرقية" و"أحرار الشرقية"، متوافقة مع "جيش مغاوير الثورة" وقائده مهند الطلاع، المدعوم أميركياً، والذي يتمركز في قاعدة التنف بالبادية على الحدود السورية-العراقية، حول استراتيجية التحرك لتحرير دير الزور وآليات العمل على الأرض. فبعدما أصدرت هذه الفصائل بياناً مشتركاً للإعلان عن تشكيل لجنة مؤقتة تضم كلا من "جيش أسود الشرقية ومغاوير الثورة وأحرار الشرقية وجيش الشرقية والقادة الثوريين والعسكريين"، وتكون مفوضة باتخاذ القرار المناسب لتحديد الجبهة الأمثل عسكرياً وجغرافياً للانطلاق منها لتحرير محافظة دير الزور ولتكون هذه اللجنة نواة تواصل مع كافة مكونات المحافظة من أجل التوصل إلى "العمل المشترك الواحد"، فإن "مغاوير الثورة" انسحبت بشكل أحادي الجانب، لاحقاً، من هذه اللجنة. وكانت هذه "اللجنة المؤقتة" اتخذت قرارات عدة، وأعلنت في البيان نفسه أنه "تم اختيار الجبهة الجنوبية في البادية كخيار أنسب للوصول إلى دير الزور وتحريرها في هذه المرحلة". ودعت إلى "العمل على تعبئة الطاقات البشرية والمادية والإعلامية كافة باتجاه هذه الجبهة". ودعت "أبناء المحافظة كافة للارتقاء بالمسؤولية والشعور بالواجب الديني والثوري والأخلاقي ودعم هذه الجبهة والالتحاق بها"، وفق ما ورد في البيان.
وتشكلت "اللجنة المؤقتة" من 9 شخصيات بينها قائد "مغاوير الثورة" مهند الطلاع، إلا أنه سرعان ما عاد وانسحب من اللجنة تحت ذريعة أنه لم تتم دعوة ممثل لهم للاجتماع، في حين أكدت مصادر كانت مشاركة في الاجتماع، أنه تم الاتصال بالأخير وأكد دعمه لأي عمل يحرر دير الزور من "داعش"، وتحديد الجبهة الجنوبية كنقطة انطلاق لدير الزور. واكتفى مصدر مسؤول في "مغاوير الثورة"، طلب عدم ذكر اسمه، في حديث مع "العربي الجديد"، بالقول إن "كل الفصائل بالشرقية هم أخوة مع بعض حتى إذا تم الاختلاف بالعمل، والذي يقدم الأفضل يلتحق به الثاني، لذلك نحن نكمل بعضنا"، وفق تعبيره. وأكد أن العمل على تشكيل جيش موحد في الشدادي جنوب الحسكة مستمر بمساندة "التحالف الدولي" ومن دون تهميش أي طرف.
وكانت "مغاوير الثورة" طرحت عبر هيئتها السياسية التي يرأسها رئيس الوزراء السوري الأسبق، المنسق العام لـ"الهيئة العليا للمفاوضات"، رياض حجاب، على الأميركيين أخيراً، مشروعا متكاملا لتحرير دير الزور من "داعش"، وهو مقترح له شق عسكري وشق مدني لما بعد التخلص من التنظيم، ويبين شكل إدارة المحافظة. وحصلت على موافقة مشروطة بأن تستطيع جمع دعم شعبي لهذا المشروع من القوى على الأرض والشخصيات الاعتبارية وعموم الناس. ونشر مهند الطلاع تسجيلاً صوتياً يدعو فيه الجميع لمساندة المشروع. كما كان هناك شرط آخر، هو أن يتم تشكيل تحالف جديد للقوى، وبدء عملية طرد "داعش" من الشدادي جنوب الحسكة، حيث قام "التحالف الدولي" ببناء قاعدة لهذا الغرض. لكن هذا الخيار يخالف توجه باقي الفصائل.
وقال الناشط الإعلامي وسام محمد، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "الوضع في دير الزور خطير للغاية، خاصةً مع تقدم النظام من عدة محاور". وأضاف أنه وبناءً على ذلك "تم تشكيل اللجنة المؤقتة في اجتماع طارئ، على أن تكون على مسافة واحدة من جميع الفصائل، وستقوم باتصالات مكثفة مع جميع القوى على الأرض ومنهم مغاوير الثورة، ومع التحالف الدولي للوصول إلى أفضل سبيل لتحرير دير الزور". ولفت إلى أن "الغالبية من قيادات دير الزور الميدانيين يعتبرون أن الجبهة الجنوبية هي الأفضل للتقدم". وذكر أن "الفصائل العسكرية من أبناء دير الزور لديها أزمة ثقة عميقة مع قوات سورية الديمقراطية، وهم يعتقدون أن الأخيرة ستعمل على تصفية القادة بشكل أو بآخر بمجرد الانتقال إلى الشدادي وبدء العمليات العسكرية، لتبقي على المقاتلين تحت رحمتهم"، وفق تعبيره. وحول وجود خيار بأن يكون هناك استقلالية عملانية لأبناء دير الزور في الشدادي، بيّن أن قيادات "قوات سورية الديمقراطية" تصرح بأنها "لن تسمح لأي قوة بأن تكون على الأراضي التي تسيطر عليها".
وحول توفر القوى اللازمة من أبناء دير الزور لتحريرها، قال محمد إن "الكثير من أبناء دير الزور يتلقفون أخبار تشكيل اللجنة والتوجه إلى تحرير دير الزور باهتمام أكبر، ومنهم من يطالب بتشكيل نقاط للتجنيد وتأمين انتقالهم إلى جبهة القتال التي سيتفق عليها". وتابع أن "هناك نحو 3000 شاب من دير الزور في ريف حلب، معظمهم مقاتلون، وفي إدلب نحو 7000 شاب، وفي تركيا نحو 10000 شاب، والجميع تواق للعودة إلى بلده". ولفت إلى أن "العمل جارٍ لإقناع الأميركيين والأتراك بضرورة التعاون والدعم لتوحيد الجهود، وقد يكون من الأفكار المطروحة وجود جبهتين لتحرير الدير، واحدة من الشدادي، وأخرى من البادية".
وكشف المتحدث نفسه عن أن "هناك سيناريو يتم تداوله بقوة يفيد بوجود توافق دولي، روسي-أميركي، يفضي إلى تقاسم مناطق السيطرة في دير الزور، إذ قد يتقدم في الريف الغربي جيش العشائر، مدعوماً من قوات سورية الديمقراطية، في حين يسيطر النظام والروس على الريف الجنوبي الغربي وهو طريق دمشق-دير الزور". وهذا السيناريو قابل للتنفيذ بحسب الإعلامي محمد، لأن "النظام اليوم هو الأقرب للمدينة بعد سيطرته على السخنة، إذ إنه لم يعد أمامه سوى نقطتين لفك الحصار عن مناطق سيطرته في المدينة، الأولى هي بلدة كباجب وتبعد عن السخنة 40 كيلومتراً، ومن ثم الشولا وتبعد عن كباجب نحو 130 كيلومتراً، إذ تعتبر تلك المسافات خالية من التجمعات السكانية، وبدعم روسي سيكون النظام قادراً على تثبيت نقاط تمركز له"، وفق قوله. وتابع أنه "يبقى لفصائل المعارضة باقي الريف الديري".
يشار إلى أن النظام يتقدم من ثلاثة محاور إلى دير الزور، أولها عبر محور مدينة السخنة بريف حمص الشرقي، بعد انسحاب تنظيم "داعش" منها، كما تقدمت إلى ريف دير الزور الغربي، عبر جنوب شرق الرقة، والمحور الثالث هو من منطقة الوعر والبعاجات في جنوب شرق دير الزور على الحدود السورية-العراقية.