عام >عام
الحريري يفجّر مواقف غير متوقعة عن سوريا وحزب الله عبر مجلة "باري ماتش"
الخميس 30 11 2017 14:27
كرر رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري القول بأن "استقالته من الحكومة كانت بقصد خلق صدمة إيجابية في لبنان، وأن يفهم العالم أن بلدنا لم يعد قادرا على تحمل تدخلات حزب الله في شؤون دول الخليج، حيث يقيم ما يقارب 300 ألف لبناني ووجودهم مهم جدا بالنسبة الى اقتصادنا".
وقال الرئيس الحريري في مقابلة أجرتها معه مجلة "باري ماتش": "اختار اللبنانيون الحوار من أجل مصلحة لبنان واستقراره، لأن لا أحد من اللبنانيين يريد أن يعيش حربا أهلية من جديد، ولذلك علينا تنفيذ سياسة جامعة همها الرئيسي مصالح لبنان".
وفي ما يلي نص المقابلة:
سئل: بدا إعلان استقالتك من الرياض مفروضا عليك. هل كنت "محتجزا" من قبل السعوديين كما أعلن الرئيس اللبناني ميشال عون؟
أجاب: "لا، هذا ليس صحيحا. استقلت من الرياض بقصد خلق صدمة إيجابية للبنان. رويت قصصا كثيرة عن هذا الموضوع. لكن لو كنت محتجزا، لما كنت اليوم هنا في بيروت وما تمكنت قبل ذلك من الذهاب إلى باريس ومصر وقبرص. كنت حرا".
سئل: في جميع الاوقات؟
أجاب: "نعم، ذهبت إلى باريس عندما دعاني الرئيس ايمانويل ماكرون.
سئل: هل ستستأنف دورك كرئيس للوزراء كما لو لم يحدث شيء؟
أجاب: "نعم، أردت أن يفهم العالم أن لبنان لم يعد قادرا على تحمل تدخلات "حزب الله" في شؤون دول الخليج حيث يعيش 300 ألف لبناني. وجودهم مهم جدا لاقتصادنا ويجب ألا ندفع ثمن أعمال الحزب".
سئل: دعنا نتحدث عن هذا الحزب الممثل في حكومتك، والذي اتهمته، مع معلمه الإيراني، بالسيطرة على لبنان. لكن "حزب الله" طالب بعودتك، فهل غيرت رأيك؟
أجاب: "علينا ان نميز. في لبنان، ل"حزب الله" دور سياسي. لديه أسلحة، ولكنه لا يستخدمها على الأراضي اللبنانية. إن مصلحة لبنان هي بضمان عدم استخدام هذه الأسلحة في أماكن أخرى. وهذه هي المشكلة".
سئل: إذا، عندما يتدخل "حزب الله" في سوريا أو اليمن، حتى لو كان زعيمه السيد حسن نصر الله ينفي ذلك، هل تعارضه؟
أجاب: "بالطبع. سالت دماء كثيرة في المنطقة. وأخشى أن تدخل "حزب الله" في الخارج سيكلف لبنان غاليا. لن أقبل أن يشارك حزب سياسي لبناني في مناورات تخدم مصالح إيران".
سئل: هل تخشى عودة الحرب؟
أجاب: "لبنان يعيش معجزة صغيرة. لم يكن علينا أن نتحمل ما يحدث في سوريا والعراق وليبيا واليمن وبداية، في مصر. لا أحد هنا يريد أن يعيش حربا أهلية من جديد، ولذلك من الأساسي تنفيذ سياسة جامعة، همها الرئيسي مصالح لبنان".
سئل: بطريقة ما، إن ذاكرة فظائع الحرب تقربك من خصومك في "حزب الله"؟
أجاب: "بالطبع، لقد عاش اللبنانيون جميعا هذه الحرب الأهلية الفظيعة. وجهات نظرنا متعارضة. من لا يعرف شيئا عن السياسة اللبنانية قد يقول ألا يوجد سبب لأن نتحدث مع بعضنا البعض. ولكننا اخترنا الحوار من أجل مصلحة لبنان واستقراره. المنطقة دمرتها الاشتباكات الطائفية، ولقد شهدنا توترات قوية جدا، ولهذا فضلنا تهدئة الامور".
سئل: لقد ذكرت تهديدات لحياتك. هل تلاشت هذه التهديدات؟
أجاب: "التهديدات موجودة دائما. لدي العديد من الأعداء، منهم المتطرفون ومنهم النظام السوري، فقد أصدر هذا الأخير حكما بالإعدام ضدي، وهم يتهمونني بالتدخل في بلدهم. بصراحة، هل تتصورنا كلبنانيين نتدخل في سوريا؟ (يضحك)
سئل: لقد عينت مؤخرا سفيرا جديدا إلى دمشق، بعد شغور المنصب لأربع سنوات. هل هذا يدل على تطور في العلاقات؟
أجاب: "لطالما أردنا علاقات دبلوماسية مع سوريا، التي رفضت لفترة طويلة الاعتراف باستقلالنا. عام 2010، ذهبت إلى دمشق وتم أخيرا الاعتراف بهذا الاستقلال. ان تعيين سفير هو لضمان استمرارية هذا الاعتراف أيا كان النظام في دمشق".
سئل: هناك أيضا مصير 1.5 مليون سوري يعيشون في لبنان؟
أجاب: "سيعودون في حال وجود حل سياسي حقيقي. السوريون ليسوا مثل الفلسطينيين، إذ لديهم بلد خاص بهم ولا يريدون البقاء. وبالنسبة الى هؤلاء اللاجئين أيضا، فإن استقرار لبنان أساسي. في حال حصول فوضى، سيهربون من البلد. وسوف يذهبون إليكم، في أوروبا".
سئل: هل تعترف أن بشار الأسد انتصر بالحرب؟
أجاب: "لم ينتصر. الرئيسان بوتين وروحاني انتصرا".
سئل: لكنه ما زال هنا. في البداية، قال الجميع إنه سيغادر؟
أجاب: "نعم بالطبع، هو هنا ولكن عليه أن يغادر".
سئل: ما زلت تعتقد ذلك؟
أجاب: "مخطئ من يظن أن الانتصار ضد داعش حل المشكلة. المشكلة في سوريا هي بشار الأسد. بدأت عام 2011، وفي ذلك الوقت، لم يكن داعش موجودا".
سئل: ولد تنظيم داعش في شكل أساسي في العراق كنتيجة للغزو الأميركي ...
أجاب: "نعم، قدم من هناك. يجب ألا ننسى أعمال رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي (الشيعي) الذي عقد تحالفا مع الصحوة (ميليشيات قبلية سنية ضد القاعدة) ووعد بشمول جميع الطوائف. وعندما هزم تنظيم القاعدة، وجه أسلحته ضد الصحوة. وجاء تنظيم داعش إلى سوريا. لقد استخدموا قضية الثورة. لكن كم يبلغ عدد الأشخاص الذين قتلهم داعش في العالم؟ 10،000، 20،000، ربما 30،000. كم شخص قتل بشار الأسد؟ 700000.
سئل: في هذه الحرب، نصف القتلى هم من جانبه. هل هو المسؤول عن كل شيء؟
أجاب: "لا، لكنه رئيس الدولة. وفي بلد طبيعي لا يستخدم الرئيس القوة المسلحة ضد شعبه. في البداية كانت الثورة سلمية".
سئل: ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، هو لغز. البعض يعتبره مستبدا مهووسا بإيران. وللبعض الأخر هو يكافح الفساد وسيسمح للنساء بقيادة السيارات. أنت تعرفه جيدا، فمن هو؟
أجاب: "هو رجل معتدل يريد سياسة انفتاح لبلده".
سئل: من خلال وضع الأمراء في الإقامة الجبرية في فندق؟
أجاب: "لقد وضح الأمر. انه يحاول محاربة الفساد. انظروا إلى ما حقق اقتصاديا. هو يدعو إلى الاعتدال ويأذن، كما أشرتم، للنساء ان تقود. في الماضي، لم تكن هناك صالات سينما ولا حفلات موسيقية في المملكة العربية السعودية. يريد انفتاحا حقيقيا للمجتمع السعودي. معارضته للسياسة الإيرانية تأتي من التدخل الذي تعاني منه السعودية، في العراق واليمن والبحرين. نعم، هناك مشكلة مع إيران. بطبيعة الحال، نحن اللبنانيين نود أن يكون لدينا أفضل العلاقات، الاقتصادية على وجه الخصوص، مع إيران. ولكن يجب أن تكون لمصلحة بلدينا".
سئل: عندما ينعت محمد بن سلمان آية الله خامنئي، المرشد الأعلى الإيراني، بـ "هتلر الشرق الأوسط"، هل تؤيده؟
أجاب: "لكل شخص طريقته بالتعبير".
سئل: هذه ليست لغة استقرار؟
أجاب: "أنت توقفت عند كلمة "هتلر"، ولا تعلم ما يقوله خامنئي عن السعوديين لسنوات، واصفا إياهم "بالمجانين". هذه الكلمات المفرطة هي جزء من لغة المنطقة".
سئل: هناك تقارب بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية. إذا قرر الإسرائيليون ضرب المصالح الإيرانية وحزب الله في سوريا، ما سيكون رد فعلكم؟
أجاب: "لن نفعل شيئا إذا الأمر حدث في سوريا".
سئل: حتى لو اخترقوا مجالكم الجوي؟
أجاب: "نسجل كل الاختراقات لمجالنا الجوي في مجلس الأمن الدولي. لكن لبنان لا يستطيع أن يفعل أي شيء. حتى بشار الأسد، بعد كل ضربة، يقول: سنرد في الوقت المناسب وبالطريقة التي نختارها. ستكون هذه مشكلة سوريا لا مشكلة لبنان".
سئل: ما كان دور فرنسا في هذه الأزمة؟
أجاب: "هي البلد الذي جمع المجتمع الدولي حول لبنان. تحدث الرئيس ماكرون مع الجميع: الأميركيون والأوروبيون وإيران وروسيا. إن العلاقات بين بلدينا تاريخية بالتأكيد، ولكن هنا أكثر من هذا الامر. الناس تعبوا من الحروب".
سئل: ماذا قال لك الرئيس ماكرون عندما تحدثت إليه في بداية الأزمة؟
أجاب: "سألني لماذا استقلت وأجبته إنني اردت خلق صدمة ايجابية لبلدي. علاقتنا ممتازة ونتحدث مع بعضنا البعض تكرارا".
سئل: قد يكون قال لك أن الاستقالة هي التخلي، أليس كذلك؟
أجاب: "قال لي إنه إذا أردت الاستقالة، فعلي أن أعود إلى لبنان لأفعل الأمور بشكل صحيح".
سئل: في تعامله مع هذه الأزمة، هل لديك شعور بأن ماكرون أخرج السعوديين من موقف صعب؟
أجاب: "تصرف الرئيس ماكرون لصالح فرنسا ولبنان والمنطقة. لقد تصرف لتجنب حرب أخرى وسيقال يوما ما انه لعب دورا تاريخيا".
سئل: هناك 240 موظفا فرنسيا في شركة سعودي أوجيه لم يتلقوا رواتبهم منذ سنتين. ماذا ستفعل حيال ذلك؟
أجاب: "من المتوقع أن تسدد الحكومة السعودية متأخراتها. وفور قيامها بذلك سندفع الرواتب. لقد أخذنا هذه المسألة على عاتقنا".
سئل: هل استطعت زيارة جاك شيراك، الذي انت مقرب جدا منه؟
أجاب: "للأسف لا، ولكني اتصلت بكلود. وفي زيارتي المقبلة لباريس، سأذهب لزيارة الرئيس شيراك. استطاعت السيدة نازك التحدث معه عندما كنت في السعودية".
سئل: ترك والدك رفيق الحريري، الذي قتل في العام 2005، بصمة في لبنان، ولا سيما في إعادة بناء وسط مدينة بيروت بعد الحرب. ما هي الصورة التي تريد تركها للأجيال المقبلة؟
أجاب: "أريد بلدا مستقرا. نحن نعيش في عصر التكنولوجيا الجديدة، واللبناني لديه ميزة الابتكار. يجب إنشاء بنية تحتية حتى يتمكن من التفوق في هذه المجالات. وهناك تقارب في وجهات النظر بشأن هذا الموضوع بيني والرئيس ماكرون. لبنان بلد صغير ولكنه سيكون نموذجا للنجاح في العالم العربي".