لبنانيات >أخبار لبنانية
الزوجة والعشيقة في سرير واحد
السبت 19 01 2019 11:50جنوبيات
في زمن تتهاوى فيه الصحافة الورقية، الواحدة تلو الاخر، فيما الباقي على قيد الحياة لا يزال يصارع من اجل حفظ ماء الوجه ومن أجل البقاء لمجرد البقاء، وإن كان العاملون فيها من محررين وموظفين لا يتقاضون رواتبهم كاملة، وهم إن قبضوها مرة كل خمسة أشهر، فبشق النفس ومع تربيح ألف جميل، مع ما يعانيه هؤلاء من ضائقة معيشية.
في هذا الزمن، الذي وصفه البطريرك صفير، أطال الله بعمره، بأنه رديء، نرى من تبقى من محررين عاطلين عن العمل، بعدما أفنوا عمرهم في مهنة المتاعب، التي انقلبت عليهم فأصبحوا في نهاية المطاف يفتشون عمن يزيح عن صدورهم متاعب الزمن الرديء.
وفي الوقت الذي أصبحت الصحف اليومية، التي لا تزال تصارع من أجل أن تصدر يوميا، أقل من عدد أصابع اليد الواحدة، فوجئنا بإجتماع مشترك بين نقابتي الصحافة والمحررين، وهما نقابتان لا يعقل أن يكون بينهما قواسم مشتركة، لأن نقابة الصحافة هي نقابة، وكان يجب أن تسمى بتجمع أصحاب الصحف، إذ لا يعقل أن تكون لأصحاب الصحف نقابة، على نقيض نقابة المحررين، بمعنى أنه لا يجوز أن يكون بين العامل وصاحب العمل وحدة حال إلا بما يؤمن للعاملين حقوقهم المهضومة، خصوصا أننا رأينا عددا من أصحاب الصحف قرروا إقفال صحفهم وصرف الذين كانوا السبب في تحصيلهم أموالا طائلة، من دون أن يعوضوا عليهم، ولو جزء بسيط من حقوقهم وتركوهم يواجهون مصيرهم بأنفسهم.
ومع كل ذلك طالعنا الإجتماع المشترك في مقر نقابة المحررين بوعود، لا تتعدى جرعات تخدير من شأنها تأجيل إعلان مراسم دفن الصحافة الورقية، والأنكى أن الإجتماع تحول من لقاء تهنئة إلى جلسة حوار ومناقشة لكيفية مواجهة التحديات أمام الصحافة الورقية في لبنان. وقرأنا أيضًا أن المجتمعين بحثوا كذلك في الآلية التي يجب أن تتبع للنهوض بالصحافة والإعلام في لبنان وإنقاذ هذا القطاع الأساسي والحيوي، من خلال عقد مؤتمر وطني يجري الإعداد له بإتقان. وتم الاتفاق على أن تشكل كل نقابة لجنة منها، لوضع الخطوط العريضة لتحرك هادف وتنفيذي، غايته مواجهة التحديات واستنقاذ مهنة الصحافة من المشاكل التي تتعرض لها.
نقيب الصحافة عوني الكعكي أعتبر أن نقابة الصحافة هي نقابة المحررين ونقابة المحررين هي نقابة الصحافة. "نحن جسم واحد".
ورد النقيب جوزف القصيفي "عملنا المشترك لا يتعارض، بل يتكامل لنستعيد دور الصحافة. لذلك أعتقد أننا بحاجة إلى تعميق الحوار بيننا، فيكون حوارا جادا، ونبني علاقة ثقة في ما بيننا وفق رؤية واضحة". واقترح تشكيل لجنة مشتركة للحوار المستمر بين النقابتين لبلورة رؤية متقاطعة ودية وندية، وقال: "نحن جسم واحد طبعا، ولكن لدينا تمايز".
يذكر أن النقيب القصيفي، وقبل إنتخابه، هو من شارك، مع الزميلين علي يوسف وريما صيرفي ومحامي النقابة انطوان حويس، بالتعاون مع لجنة من وزارة الإعلام، في صياغة التعديلات على النظام الداخلي لنقابة المحررين، وبالأخص المادة السادسة عشرة منه، والتي جاء فيها: "تلغى جميع الهيئات واللجان المشتركة بين نقابتي المحررين والصحافة المنصوص عنها في قانون المطبوعات الصادر بتاريخ 14 أيلول 1962، وهي هيئة الجدول النقابي للصحافة والمجلس الاعلى للصحافة والمجلس التأديبي المشترك، المنصوص عنها في المواد 95 و96 و97 و98 و99 و100 و101 و102 و103 و104 و105 منه.
كما تلغى المواد 89 و90 و91 و92 و93 و94 من قانون المطبوعات – الفصل المتعلق بإنشاء نقابة محرري الصحافة اللبنانية".
وقد تمت مناقشة هذه التعديلات في الجمعية العمومية لنقابة المحررين في 4 آب من العام 2017، وتم تبنيها بالكامل وبالإجماع، وأحيلت إلى وزارة الإعلام، حيث رفعها الوزير ملحم الرياشي إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء كمشروع قانون ليصار إلى وضعه على جدول أعمال أول جلسة لمجلس الوزراء، إلا أن بعض الجهات المتضررة من هذا المشروع عملت من تحت طاولة مجلس الوزراء، وهي الجهة نفسها التي كان لها التأثير المباشر على الإنتخابات الأخيرة لمجلس نقابة المحررين، من أجل أن يبقى مشروع الرياشي نائمًا في أدراج الأمانة العامة لمجلس الوزراء.
وبعد، يبقى السؤال: ما مصير هذه التعديلات في ظل التنسيق القائم بين النقابتين، علمًا أن بعض أعضاء مجلس نقابة المحررين ليسوا راضين عن التنسيق القائم بين النقابتين؟