عام >عام
رحيل "المربّي الطيّب" خليل برهومي
الاثنين 25 03 2019 09:02هيثم زعيتر
في مثل لحظات تجهيز نفسه للرحيل مع انتهاء العمل في جريدة "اللـواء"، وقع بُعيد منتصف ليل الجمعة، كالصدمة نبأ رحيل الزميل الأستاذ خليل برهومي.
الأستاذ والمعلّم والمربّي.. المثقّف والأديب والشاعر.. والضليع باللغة العربية وعلوم القرآن الكريم والسُنّة النبوية. مُربٍّ خرّج أجيالاً في المدرسة، وتتلمذ على يديه كُثُرٌ في مهنة البحث عن المتاعب، التي اختارها - على الرغم من معرفته المسبقة بأشواك مصاعبها.
كاتب للمقالات في المجالات الإسلامية والثقافية، ومدقّق لغوي، وصمّام أمان في الحصن الأخير للجريدة قبل إبصارها النور في المطبعة.
رحل "المعلّم الطيب"، الذي لا يعرف قول: "لا" لأحد، وذلك لمحبّته للجميع، ومهما كان ضغط العمل لديه، تكتشف مدى تعاونه وتفانيه من أجل أنْ يكون الخبر والمقال، في قالب لغوي صحيح.
خفيف الظل، طاهر السريرة، محبٌّ ومحبوب، طيّب القلب كبياض شعره، نادر الغضب وسريع المسامحة بابتسامته وبشاشة وجهه الطلق، بعد كل هذه السنوات التي أمضاها مُخرِجاً للأجيال، مُتمسّكاً بلغة القرآن، ومتصدياً لمحاولات تشويهها تحت عنوان الحداثة، كما استغلال الدين بأسماء ومسميات، هو منها براء، فعمل على إعلاء كلمة الدين الإسلامي، وشرح إعجازه، وتعميم اعتداله ومكانته.
اعتدنا على الرجل الطيّب، دقيق المواعيد، إذ حتى بالإمكان ضبط عقارب الساعة على موعد وصوله، والمجاهد ليدّخر إجازته في سبيل قضائها مع الأولاد عندما يجتمعون، وهو لا تفوته مناسبة إلا ويطمئن فيها عن زميل أو صديق أو ذي معرفة.
أحبَّ بيروت التي أبصرَ فيها النور، ورأى فيها قدوةً باحتضان كل لبنان الذي انتمى إليه، مع التصاقه بعروبته.
أحبَّ فلسطين، وكانت أمنيته الصلاة في المسجد الأقصى المبارك، مُحرّراً من الإحتلال الإسرائيلي، والتي خصّها بكتابات وقصائد عديدة، وهو مع كل مقال أو كتاب أتحدّث فيه عن فلسطين - ويقرأه قبل نشره - كان يحدّثني بتلك الأمنية.
رحل الأستاذ خليل عفيف برهومي، وهو حاملاً الكثير من المسميات التي ترتبط وترمز إلى فلسطين، حيث مرقد سيدنا إبراهيم (عليه السلام) في ضريحه في الخليل، الذي اختار له والده الإسم الأوّل ليحمله، واختار هو إسم سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - ليطلقه على نجله البكر محمد، تيمّناً بإسم سيد البشرية.
برحيل الأستاذ خليل برهومي، نفتقد أخاً وصديقاً وزميلاً وأستاذاً، لن يقرأ أو يُدقّق ما يُكتب عنه، لكنّه ترك علماً لا ينقطع وعائلةً صالحةً تدعو له، تتجاوز أسرته الصغيرة، ليكون صدقةً جارية.
رحم الله الأستاذ خليل برهومي، وتغمّده بواسع رحمته، وأسكنه فسيح جنانه، وألهم عائلته وذويه ومحبيه الصبر والسلوان.