تربّع رشدي أباظة على عرش السينما المصرية لمدة ربع قرن، كان خلالها يسرق الأضواء في الأفلام التي كان يشارك في بطولتها، وكان جذاباً ودمه خفيف وحضوره طاغٍ، رغم أنه دخل عالم التمثيل في ظل رفض والده اللواء سعيد أباظة هذه الفكرة.

في ذكرى وفاته الذي يصادف اليوم (27 تموز 1980)، زينب أباظة بديع شقيقة الفنان الراحل رشدي أباظة، والمقيمة في مدينة صيدا (جنوب لبنان) تحدثت لـ"جنوبيات" عن حياة شقيقها وقالت: رشدي اباظة شقيقي الأكبر من والدي، والدته إيطالية الجنسية، ونحن اربع شقيقات فاطمة وزينب ورجاء ومنيرة ولنا أخ وهو الأصغر يدعى فكري، ورشدي هو الوحيد الذي عمل بالفن ووالدي لم يكن راضياً حينها بحكم العادات والتقاليد وأنه ابن ضابط وكان يريده أن يكون ضابطاً مثله، وعند إصراره على التمثيل منعه والدي من دخول البيت، لكن أعمامي الكاتب فكري أباظة والشاعر عزيز أباظة ساعدا رشدي في بداية مشواره، وبعد سبع سنوات من القطيعة بين والدي ورشدي استطاع أعمامي أن يقنعوه بأن يتقبل الوضع، بل صار رشدي هو النجمة الساطعة لعائلتنا.

كيف كانت حياته؟
عاش رشدي في مدرسة داخلية في القاهرة بحكم أن والدي كان يتنقل كثيراً بين المحافظات المصرية وكان يصحبنا معه لأننا كنا صغار في السن، حتى تخرج من المدرسة ومن بعدها إلى الثانوية ثم اتجه إلى التمثيل الذي كان هوايته، وساعده شكله وبنية جسمه الرياضية في ذلك.

هل تذكرين أول دور مثله رشدي في السينما؟
أول دور كان له ثانوي مع الممثلة فاتن حمامة في فيلم "المليونيرة الصغيرة" ولم يتعد دوره سوى مشهدين في الفليم، أما أول دور بطولة له فكان مع الفنانة هند رستم، ثم توالت الأفلام التي كانت له أدوار البطولة فيها.

من المعروف أن رشدي أباظة تزوج مرات عدة، من تزوج في حياته؟
أول امرأة تزوجها أميركية الجنسية كانت تعمل مضيفة طيران أنجب منها ابنته الوحيدة "قسمت" التي تعيش في مصر حالياً وتملك مزرعة أشجار مثمرة وتربي الحيوانات والأسماك، ثم تزوج تحية كاريوكا لمدة ثمانية أشهر، وبعدها سامية جمال التي بقي معها 16 سنة وهي أطول زيجاته، ثم تزوج الفنانة اللبنانية صباح لمدة أسبوع التي عقد قرانه عليه في منزلي في مدينة صيدا بجنوب لبنان، حيث كان حينها يحتفل مع ممثلين وأصدقاء من صيدا بالانتهاء من تصوير فيلم اعتقد "نار الشوق" وأخبرني انه سيزورني مع صباح في اليوم التالي وطلب مني احضار مأذون، وعندما سألته عن السبب أخبرني بانه سيتزوج صباح لكنني اعتقدت في البداية أنها مزحة، وعندما جاء وبرفقته صباح مرتدية فستاناً أبيض في اليوم التالي عقد قرانه عليها ووقتها انزعجت وغضبت سامية جمال كثيراً لكنها كانت تعلم جيداً أنني لا أستطيع منعه من ذلك، وبعد طلاقه من صباح وسامية جمال تزوج أبنة عمه نبيلة أباظة.

كان لرشدي صداقات في لبنان هل كان يزور لبنان كثيراً؟
كان دائماً يأتي إلى لبنان ويقيم في فندق "مارتينيز" في بيروت، ويزورني في مدينة صيدا ويلتقي مع أصدقائه الصيداويين في بيتي، حيث كان له صديقين من صيدا هما رجل الأعمال الراحل عصام البساط وبسام القطب، كما كان يزور الصديقة الراحلة بديعة فتح الله جنبلاط، ويتردد أحياناً على مطعم العربي في المدينة كونه كان يحب الأكل اللبناني، وعندما يزورني كان المعجبون يأتون إلى بيتي للقائه، أما أعز اصدقائه في لبنان كان روميو لحود حيث كانت تربطه به علاقة وثيقة وكان يواظب على لقائه كلما كان في لبنان.

من المعروف أن رشدي يحظى باحترام كل من من عرفه، كيف كانت علاقته بعائلته واصدقائه؟
عندما وُلد كان والديه منفصلين، وعندما عاد إلى والدته الإيطالية كانت متزوجة من شخص آخر فقرر العيش مع والده في مصر، كان رشدي متواضع وطيب القلب وكان يعتبر أخاً وأباً لنا لأنه الأكبر بين أشقائي، وكان فاعلاً للخير، ومن بين الأشياء التي تدل على تواضعه انه خلال تصوير الأفلام يتناول الممثلون طعام الغداء مع بعض، إلا رشدي ياخد طعامه ويجلس مع عمال الأستديو ليتناول طعامه معهم، وكان يحضر طعامه من البيت، حيث كان يعشق أكلة "العدس الأباظي" وهي أكلة مشهورة ومرتبطة بعائلتنا وتتكون من العدس المجروش والدجاج حيث كان يطلب من والدتي أن تطهو له هذه الأكلة في أوقات تصوير الأفلام ويأخذ معه حوالي 20 صينية ليطعم فريق العمل من اكلته المفضلة، كما أنه كان يعشق الملوخية كثيرا لدرجة انه كان احيانا يشربها من الطبق.

بعد أن صار رشدي نجماً مشهوراً هل تغير موقف والده تجاهه؟
كان والدي يفتخر به جداً، وكذلك نحن شقيقاته كنا نفتخر ان أخينا رشدي أباظة، وحتى الآن بعد كل هذه السنين ما زال الناس ينظرون إلينا بأننا شقيقات وأهل رشدي أباظة.

كان الكحول سبب وفاته، الم تحاول العائلة منعه من تناولها؟
كنا دائما نختلف معه لأنه كان يتناول المشروبات الروحية بكثرة، وبسببها أصيب بتشمع الكبد، ولم يتوقف عن الشرب حتى اصيب بالمرض، وعانى حوالي شهر في مستشفى العجوزة قبل وفاته. 

اين كانت اقامته في مصر ومن هم أقرب أصدقائه من الوسط الفني؟
كنا نسكن في العجوزة وكان رشدي يسكن في الزمالك وهي منطقة قربية من منطقتنا، ولكن كان يحب الإقامة لشهور عدة في "المينا هاوس" بمصر وهو كان قصراً للملك فاروق، أما أصدقائه المقربين في الوسط الفني كان أحمد رمزي الذي لازمه في المستشفى هو ونادية لطفي حتى وفاته.

منذ سنوات عدة تناقلت بعض وسائل الأعلام أنه سيتم تصوير مسلسل عن حياة رشدي أباظة، ولكن لم يتم ذلك فما السبب؟
عُرض علينا المسلسل عام 2006 ووافقنا نحن شقيقاته وابنته وكان المنتج والمخرج يوسف شرف الدين لكن توقف المسلسل ولم نعرف السبب، وربما السبب كان هو وفاة شقيقي الأصغر "فكري" الذي كان يكتب السيناريو، وبعدها تكلم مع كثر حول انتاج مسلسل ولكن لم يتم الأمر، مع أنه بعد وفاة شقيقي فكري حاول أن يكمل السيناريو عماد رشاد، والتقينا مرات عدة وتحدثنا عن رشدي بكل شفافية وصدق وحتى بالخصوصيات، واتفقنا على الممثلين وحتى على اسم المسلسل "دون جوان"، ولكن أنا نفسي لا أعرف لما لم يتم تنفيذ المسلسل.