بأقلامهم >بأقلامهم
السعادة ....
السعادة .... ‎الاثنين 8 01 2024 11:52 د.هبة المل أيوب
السعادة ....

جنوبيات

ميزنا الله عن باقي المخلوقات بنعمة العقل ،  تساعد هذه النعمة الإنسان فيفقه حقيقة الأشياء ويعرف ماهية الأمور، كما ومن خلال العقل  يدرك ويعلم ويميز ويختار ويصحح إلى أن يصل إلى أبعد المسافات ، كل ذلك إن صحّ الاستخدام والاستعمال، بالإضافة إلى العقل تساعد الرؤية الواضحة والجليّة  الإنسان وتنوّره وتفتح له آفاقاً جديدة ،وترشده وتهديه الى طريق الصواب حيث النور الإلهي والرشاد، الذي لا بد من التزوّد بها لأن حيث توجد يوجد معها ذلك  الحب للحياة ، فليس كل من يحيا هو حي ، فالإنسان الحي هو من امتلأ قلبه حباً وامتلأ عقله نوراً وفكراً وبلغت وجهته الوجهة الصالحة والصائبة، لذا يتراءى لنا السؤال هل من الممكن أن نجد  السعادة ونحن نعيش الألم والحنين ؟ أم السعادة هي المبحث التي يظل المرء يبحث عنه أينما ذهب وأينما حلّ؟ ولماذا تغدو هي المبحث ؟ ومتى يظن أنه وجدها ؟
تدفع السعادة الكثيرون منا  إلى ارتكاب أفعال بعيدة عن الإدراك وبعيدة عن الاختيار، بغية الحصول عليها ويظنون أنهم وصلوا إليها وهم بالحقيقة ، وجدوا السراب والوهم، هم وجدوا السعادة الوهمية، التي تعطيهم شكلاً من أشكال السعادة المؤقتة ،التي تنتهي عندما ينتهي الوقت المحدد لها ، فالإنسان كائن فرد يسعى إلى تأمين جميع حاجياته، وإن بقيت حاجة  ما دون تحقيق يبقى قلقاً ويظن ان السعادة تكمن باقتنائها  ، ونراه يبحث عنها ويبذل كل ما بوسعه ليتزوّد بها ويظل حائراً وغير سعيد لا وبل يشعر بالحزن الشديد لأنه لم يتمكن بالوصول إليها ، مهما تكن هذه الحاجة إلا أنها تأخذ قسطاً من وقته وتفكيره وراحته الشخصية ،  ولربما أن الراحة كل الراحة في الفقد وعدم الاستحواذ ، لكن العقل البشري يخيّل له والوهم يسيطر عليه ونفسه تدفعه للسعي لها حيث يعتقد أن الخير كل الخير عندما يحصل على ضالته المنشودة.  
في الواقع قد يجد الإنسان السعادة  وهو يقطن في كوخ وهو يذهب مشياً إلى حيث يريد ، يجدها عند صديق مخلص حقيقي ، يجدها في ولد صالح ، في القناعة والتسليم لما اختارا لله له، أن السعادة تكمن في ابسط الأشياء ونحن لا ندركها ونظل نبحث عنها في المفقودات ، في الحقيقة ما لم يقنع الإنسان بما يتواجد معه من حاجات لن يجد السعادة أينما ذهب وأينما حلّ ، لذا لا يتعب الإنسان كثيراً ولا يبحث كثيرا ولا يتطلع بعيدا لربما السعادة بقربه وبمتناول يده وهو غافلاً عنها كل ما يمكنه فعله، هو يوسّع مدارك العقل وأفق النظر وهو بهذا اسعد الناس وأعقلهم بشرا وكائنا حياً وتبقى القناعة بما يمتلك الإنسان هي السعادة الحقيقية .  

المصدر : جنوبيات