لبنانيات >أخبار لبنانية
المشكلة ليست في WHATSAPP ولا بهواتفكم..
الاثنين 23 12 2024 10:06جنوبيات
تصوروا أن خاصية "رمز التحقق" أو الـ verification code التي تلجأ إليها التطبيقات كوسيلة حماية لها ولمستخدميها من خروقات يتيحها تطور الأساليب الاحتيالية التكنولوجية، يمكن أن تتحول وسيلةً لحرق أعصاب مستخدمي الموبايل وتعطيل تطبيقاته على هواتفهم، وللتفريط بحقوق الخزينة من إيراداتها.
لا يحصل هذا في الواقع إلا في لبنان، حيث صفقات التلزيم، حتى بجزئياتها، بعيدة عن تحقيق المصلحة العامة. وحيث لا روادع، أخلاقية على الأقل، تحول دون ترسية العقود على وسطاء تشغيل غير مؤهلين، يسيئون لسمعة قطاعات، ما زالت منتجة برغم كل الظروف، ويحوّلون المواطن كما خزينة الدولة ضحية لسوء أدائهم، بدلاً من أن يتحولوا قيمة مضافة لهذه القطاعات.
إذا كنت من المشتركين عبر شبكة تاتش، وتعاني فشلاً في تنزيل أو دخول بعض التطبيقات بسبب عدم تلقيك رمز التحقق المرسل منها للتأكد من كونك لست "روبوتا" وأنك فعلاً تقدم المعلومات الحقيقية حول هويتك أو رقم هاتفك، أنت إذاً من ضحايا صفقة أبرمت مع شركة INMOBILES الوسيطة في نقل الرسائل من التطبيقات إلى العملاء، أو ما يعرف بـ Application to Person واختزالاً A2P، وتلفّها شبهات عديدة. وعليه قد تجد عزاءك بكون شكواك هي واحدة من عشرات الشكاوى المشابهة التي أمطرت تاتش من سوء إدارة هذه الخاصية. ولكن لا تسرف في التفاؤل، كي لا تصدم بحقيقة أن الوسيط "غير المؤهل" لنقل رسائل التطبيقات إليك، متربع على عرش الصفقة التي فاز بها من خارج قانون الشراء العام منذ أكثر من عامين، وربما يرتاح عليه لأشهر إضافية، على رغم توصية هيئة الشراء العام بإعادة تلزيم تقديم هذه الخاصية منذ شهر أيلول من العام الماضي وفقاً لقانونها، وتبني ديوان المحاسبة ذلك منذ شهر كانون الثاني من العام الجاري.
هي قصة أخرى من قصص إبريق زيت "الصفقات المشبوهة" التي كان يفترض أن تصل إلى خواتيمها في شهر آب الماضي. حينها التأمت لجنة التلزيمات في مقر شركة تاتش، بعد تأجيل في موعدها لِست مرات متكررة، وتلقت عروض خمس شركات عالمية. ولكن بدلاً من أن تخرج وزارة الاتصالات وشركة تاتش بعد أسابيع من تسلم العروض لتعلنا عن اسم الشركة التي ستنهي معاناة الناس مع الوسيط الحالي، صمتتا مطولاً إلى أن ارتفعت صرخة مشتركي تاتش من فشلهم في تلقي رموز التحقق حتى من تطبيق WHATSAPP. وعلى الرغم من التبريرات المقدمة حول كون الرموز المرسلة من WHATSAPP ليست من ضمن صفقة تاتش المعقودة مع INMOBILES، فإن التحري عن الأمر، قادنا مجدداً إلى أن الخلل ليس في واتساب، ولا في هواتف الناس، وإنما في صراع خفي يدور بين وزير الاتصالات جوني القرم وإدارة تاتش، حول كيفية إدارة ملف "صفقة" سلطت شركة غير مؤهلة على مصالح الناس. إذ يقدم كل منهما خياراً مختلفاً عن الآخر، لا يقود أي منهما لتنفيذ توصيات هيئة الشراء العام التي أصر عليها ديوان المحاسبة.
علماً أن هذه التوصيات بنيت على دراسة أعقبت إخباراً خطياً مقدماً من النائب ياسين ياسين حول الصفقة المعقودة، وخلصت إلى استنتاجات عديدة حول عدم أهلية الشركة المكلفة بالمهمة، وتسببها بتهريب الإيرادات السهلة التي يفترض أن تحققها شركتا الموبايل من كل رسالة يتلقاها زبائنهما من التطبيقات العالمية، وفقاً للقواعد التنظيمية الموضوعة لتشغيل خاصية الـ A2P عالمياً.