بأقلامهم >بأقلامهم
غياب العقل النقدي وانحطاط الوعي.. أخطر الأمراض الفكرية..!
غياب العقل النقدي وانحطاط الوعي.. أخطر الأمراض الفكرية..! ‎الخميس 30 01 2025 14:38 د. عبد الرحيم جاموس
غياب العقل النقدي وانحطاط الوعي.. أخطر الأمراض الفكرية..!

جنوبيات

في عصر المعلومات، لا يكمن التهديد الأكبر للبشر في الأوبئة البيولوجية فحسب، بل في غياب العقل النقدي وانحطاط الوعي الجماعي. فالعقل النقدي هو القادر على التمييز بين الحقائق والأوهام، بينما يؤدي غيابه إلى تفشي الجهل، التعصب، والتلاعب الجماهيري.
يؤدي ضعف التفكير النقدي إلى انتشار الخرافات ونظريات المؤامرة، حيث يصبح الناس عرضة لتصديق الأخبار الكاذبة دون تمحيص، وتستغل الأنظمة السلطوية والجماعات المتطرفة هذا القصور في وعي الأفراد  والجماعات  لفرض هيمنتها عبر الدعاية والتضليل، ومن الأمثلة التاريخية، استغلال الأنظمة الفاشية والدكتاتورية للجهل الشعبي لتمرير سياساتها القمعية.
أما على المستوى الاجتماعي، فإن انحطاط الوعي يؤدي إلى تفكك المجتمعات وتراجع قيم الحوار والتسامح، مما يعزز الاستقطاب والانقسام، كما أن ضعف التفكير النقدي في المجال الاقتصادي يجعل الأفراد أكثر عرضة للاستغلال الرأسمالي عبر سياسات استهلاكية تخدم مصالح الشركات الكبرى دون مراعاة العدالة الاجتماعية.
الحل يكمن في تعليم التفكير النقدي منذ الصغر، عبر مناهج تربوية تعزز التحليل والتساؤل بدلاً من التلقين، إلى جانب نشر ثقافة القراءة والنقاش الحر. كذلك، فإن وسائل الإعلام مسؤولة عن محاربة التضليل عبر تقديم محتوى موضوعي قائم على الأدلة.
إن غياب العقل النقدي ليس مجرد مشكلة معرفية، بل هو مرض يهدد المجتمعات والحضارات، ويجعلها عرضة للانهيار أمام أي موجة من التضليل أو الاستبداد، فالمعركة الحقيقية ليست فقط مع الفقر أو المرض، بل  ايضا مع الجهل، الذي قد يكون أخطر من كليهما، وغياب العقل النقدي يؤدى أن تحل الغرائز والعواطف للتحكم  بالآراء  والمواقف وهنا  يسهل  انقيادها من قبل القوى التي تستخدم الشعارات الكاذبة والتضليلية  لقيادات  تلك  الجماعات وتوظيفها وفق سياساتها  واجنداتها  الخاصة، وهذا ما تتقنة  بعض القوى التي تتخذ من الدين شعارا لها ووسيلة  للتأثير على  العامة..

المصدر : جنوبيات