بأقلامهم >بأقلامهم
صفحاتُ الحياة..!
جنوبيات
الحياةُ صفحتانِ: صفحةٌ يُدوَّنُ فيها ما مضى من غابرِ الزمان، وصفحةٌ بيضاءُ يُكتَبُ فيها ما جدَّ من أُمورٍ وأحداثٍ...
هكذا هي الحياةُ، صفحةٌ تُطوى وصفحةٌ تُفتَح، ومن ثمَّ يُطلَقُ على ذلك كلمةُ التاريخ..!
مدادُ تلكَ الصفحاتِ وصانعُها ومحورُها هو الإنسان، بخيرِه وشرِّه...
هذا الإنسانُ أشبهُ ما يكونُ بالشَّجَرِ وأنواعِهِ، ففيه أنواعٌ كثيرةٌ، كما الأشجارُ...
منها المثمرةُ،
ومنها ما يكونُ دواءً،
ومنها ما هو مجرَّدُ حَطَبٍ،
ومنها ما لا خيرَ فيه، قد امتلأَ بالأشواكِ، وورقُهُ مُرٌّ، طعمُهُ كطعمِ الحنظلِ، يضرُّ ولا ينفعُ...
ومنها أشجارٌ نجتني منها ما لذَّ وطابَ من الثِّمارِ...
ومنها ما يفيدُ الأرضَ بأوراقِهِ إن تساقطتْ عليها...
ياليتَ الإنسانَ يكونُ كما سمَّاهُ ربُّهُ وخالقُهُ إنسانًا، يفيدُ غيرَهُ ويستفيدُ...!
يعطي ويأخذُ، ولا يأكلُ ويشبعُ وينامُ... وجارُهُ جوعانُ طاوٍ بلا طعامٍ أو غذاءٍ...
ياليتَ الإنسانَ يكرهُ إيذاءَ الآخرينِ كما يكرهُ الأذى لنفسِه...
ويحبُّ لغيرِهِ ما يحبُّ لنفسِه...
وأن يكونَ لسانُهُ لسانَ صدقٍ إذا تحدَّثَ أو نطقَ، كأنَّهُ قرآنٌ مبين...
ياليتَ الإنسانَ يكونُ قنوعًا، ويكتنزُ ما يستطيعُ من العملِ الصالحِ ما يكفيهِ للآخرة...!
فلا اقتتالَ ولا عدوانَ إلَّا على الظَّالمين...
ولا فقرَ، ولا حقدَ، ولا حسدَ...
وأن يَسُودَ قلبَ الإنسانِ الحبُّ والخيرُ والحريَّةُ والكرامةُ الإنسانيَّةُ، والعملُ على تحقيقِ الإخاءِ والمساواةِ والإحسانِ بين البشر...
بذلكَ تصبحُ صفحاتُ الحياةِ كلُّها نورًا على نورٍ، وضِياءً يملأُ الكونَ نورًا وعزَّةً وكرامة...
عالمٌ خالٍ من كلِّ أشكالِ الشرِّ والظُّلمِ والقهرِ والخِزيِ والعارِ...
تلكَ هي صفحاتُ الحياةِ، وورقُها، والإنسانُ مِدادُها وصانعُها...
فهذا ظالمٌ، وذاكَ مظلومٌ، وذاكَ صالحٌ، وذاكَ شرٌّ مستطير...!
ولا حولَ ولا قوَّةَ إلَّا بالله..