لبنانيات >أخبار لبنانية
مشكلة لبنان ليست بالمال إنما بالنظام - بقلم لينا وهب
مشكلة لبنان ليست بالمال إنما بالنظام - بقلم لينا وهب ‎الجمعة 9 07 2021 18:28
مشكلة لبنان ليست بالمال إنما بالنظام - بقلم لينا وهب

جنوبيات

  

دولارات وراء دولارات، باريس 1 وباريس 2 وباريس 3 (سيدر) وما بينهما مليارات الدولارات، ثمّ مساعدات وراء مساعدات؛ وليس آخرها كان تلك التي قدّمت من الدول العربيّة والأجنبية إثر انفجار مرفأ العاصمة بيروت في 8 آب من العام الماضي. 
إلا أن عدّة أسئلة  تتبادر إلى الأذهان تتبعها عدّة أجوبة تنتظر أدّلتها الدامغة لكي تزيد اليقين يقينًا، حيث لا لبس ولا شك بأن الفساد مستشري في الدولة وباعتراف الجميع، ولكن ما باليد حيلة فالكلمة الفصل للقضاء، والقضاء مغلوب على أمره في ظل وجود خطوط حمراء من مراجع دينية وزعامات طائفية بفعل النظامي السياسي الطائفي، وفي ظل وجود تفاصيل قانونية تحتاج للتعديل أو أنها غير موجودة أصلاَ، كالتعديل في الدستور أو اتفاق الطائف اللذان عفا عليهما الزمن.
إن أولى ما يتبادر إلى ذهن المواطن هو كيف صرفت ووزعت كل الأموال والمساعدات المقدمة للبلد؟
 ولماذا لم تتحسن حياته في وطنه على الرغم من وجود كثير من مصادر الأموال؟
جُلّ ما يعلمه اللبناني أنه لم يلحظ أي تحسن نوعي وكافي على مستوى المعيشة أو الكهرباء أو الخدمات والاستشفاء رغم أن لبنان يسدد من جيبه ديون بالمليارات.
 فأين ذهبت تلك المساعدات والدولارات ؟! يتساءل المواطن وهذا حقه المشروع.
في الواقع هناك اتهامات علنية لبعض زعماء الطوائف وبعض المسؤولين اللبنانيين، المتلطين خلف حصاناتهم النيابية أو الوزارية أو الحزبية أو الدينية، بأنهم سرقوا أموال اللبنانيين. وأغلب الظن أن هؤلاء لم يوفروا أي شيء مما تقع أيديهم عليه لملء حساباتهم البنكية وحسابات زوجاتهم وأبنائهم ومن لديهم مصالح مشتركة معهم بثروة طائلة.
 لما لا، طالما أنهم لم يجدوا لهم رادعاً أكان من  رقابة أم مساءلة  قانونية، فهم لطالما كانوا بمأمن عن حسابات "من أين لك هذا؟"، حيث التبريرات المقولبة جاهزة وبرعاية أمراء الطوائف الذين لم يتوانوا عن رسم الخطوط الحمراء لحماية وتنزيه بعضهم عن المحاسبة.
ثانيًا لبنان لم يكن ليحتاج للنظام الريعي والاستدانة في أي يوم من الأيام لولا أن أمواله منهوبة بحسابات خارج البلاد. لا يخفى على أحد غنى لبنان بالموارد التي تدرّ عليه المال من حيث الموقع الاستراتيجي واستكشاف أبار النفط والغاز في مياهه الإقليمية بالسنوات الأخيرة، إضافةً لإمتلاكه موارد طبيعية أخرى مهمة، وازدهاره بالسياحة، فضلاً عن نشاطه التجاري في تصدير التبغ والتنباك  والمزروعات، واستيفائه للرسوم الجمركية الطائلة.
 لماذا إذًا  وكيف أصبح نظامنا المالي نظام ريعي قائم على المديونية والارتهان للخارخ ومن أوصل لبنان إلى الأزمة التي يعيشها اليوم من مديونية وعجز مالي ؟!
 كثيرة هي الأسئلة التي تطرح نفسها في خضم الأزمة اللبنانية اليوم ولكن المشترك في جميعها حقيقة واحدة لبنان لا يحتاج للاستدانة وشحذ المال من دول العالم بقدر حاجته لنظام سياسي جديد على رأسه نظيفو الكف  لا يأخذهم في الحق لومة لائم ولا تهديدًا سفيهًا من أي جهةً كانت وأيًا كان نوع التهديد فما حياة المرء إلا وقفة عز بضمير مرتاح. فأين ذلك الرجل إبن الرجال، من المسؤولين السياسيين،  المستعد للتوجه شرقًا وغربًا وفي كل الاتجاهات المشروعة من أجل انقاذ لبنان وإعادة النهوض به وإبقاء اللبنانيين في بلدهم معززين يحيون حياة معيشية طيبة تحت سقف المواطنة وحب الوطن لا الطائفية السياسية والمحاصصة المذهبية والحزبية مهما كان الثمن لقاء تحقق ذلك.
بالمختصر المفيد النظام اللبناني الريعي والطائفي أثبت فشله وهو إكلينيكيًا على حافة الاحتضار ولا يحتاج للمال بقدر ما يحتاج لإعادة النظر في النظام القائم، والتوجه نحو تأسيس نظام جديد يكفل مستقبلاً أفضل للبنان. فهو يحتاج بكل تأكيد في ذلك كلّه لرجال لا أشباه الرجال من الجبناء الذين يخافون التهديدات، أو من أولئك الخونة الذين يسرقون البلد بضمير ميت.

 

المصدر : جنوبيات