بأقلامهم >بأقلامهم
دَعنيِ كما أنا..!
دَعنيِ كما أنا..! ‎الاثنين 3 02 2025 21:56 د. عبد الرحيم جاموس
دَعنيِ كما أنا..!

جنوبيات

أنا بحرٌ هائجٌ، ..
 وقَلبِي صخرةٌ شامخةٌ، ..
لا تُعاتبني، ولا تَعتذر،..
فليسَ لكَ العِتابُ،..
ولا لكَ أن تَعتذِر...
**
أنا العاصفةُ ..
 إذ تُزمجرُ في مداراتِ الغياب، ..
أنا الموجُ ..
 إذ يُحطّمُ زوارقَ الرَّجاءِ الهشّة...
فلا تُلوِّحْ لي برايةٍ بَيضاءَ، ..
فالمسافاتُ بَيننا أبعدُ من أن تُطوى، ..
وأنا الجَبلُ الذي لا تهزُّه أنفاسُ الإِعتذار...
***
ناديتَني حينَ سقطَتْ ظِلالُك ..
 في متاهاتِ النَسيان، ..
حين تشقَّقتِ الدُروبُ تحتَ خُطاك، ..
حين صارتْ يدُكَ مَمدودةً ..
 نحوَ سرابٍ يتبدَّدُ في الأُفق...
لكننِي كنتُ هُناك، ..
حيثُ لا صوتَ يصِلُ،..
ولا ظِلَّ يَمتدُّ،..
حيثُ المَدى جِدارٌ أعمى،..
والريحُ رَّسولةُ الصَمتِ ..
الذي لا يَحتملُ ..
 انكسارًا جَديدًا...
***
هل جئْتَ الآن تَحملُ ..
 بَقايا الكلماتِ المَبتُورةِ؟
هل جئْتَ تطفئُ ..
نارًا تركتَها تستعرُ وحدَها؟
لا تقتربْ...
فأنا الجمرُ الذي تعوَّدَ الإِحتراقَ ..
 في عُزلةِ الكبرياء، ..
وأنا البحرُ ..
 الذي اختارَ أن يبتلعَ أسماءَ الغارقين ..
دونَ أن يكتبَ لهم شاهدًا على المَوج...
***
دَعنِي كما أَنا...
ريحًا تَعبُرُ بِلا خُضوع، ..
وصخرةً لا تخشعُ لإِنحناءاتِ النَدَّم...
فما عادَ في صَدرِي مُتَّسعٌ لِلرِجُوع...
دَعنيِ كما أنا ..!

المصدر : جنوبيات