بأقلامهم >بأقلامهم
موقفُ مصرَ من مقترحاتِ ترامب لتهجيرِ سكانِ غزة... رفضٌ قاطعٌ لمخططاتِ التصفيةِ..!
موقفُ مصرَ من مقترحاتِ ترامب لتهجيرِ سكانِ غزة... رفضٌ قاطعٌ لمخططاتِ التصفيةِ..! ‎الأحد 2 02 2025 23:37 د. عبد الرحيم جاموس
موقفُ مصرَ من مقترحاتِ ترامب لتهجيرِ سكانِ غزة... رفضٌ قاطعٌ لمخططاتِ التصفيةِ..!

جنوبيات

عادَ الحديثُ مجددًا عن مخططاتِ تهجيرِ الفلسطينيينَ، وهذهِ المرةَ عبرَ مقترحٍ من الرئيسِ الأميركيِّ  دونالد ترامب، الذي تضمنَ نقلَ سكانِ قطاعِ غزةَ إلى كلٍّ من مصرَ والأردنِ، في خطوةٍ تتماشى مع رؤى اليمينِ الصهيونيِّ المتطرفِ، الساعي إلى حسمِ الصراعِ مع الشعبِ الفلسطينيِّ وإسقاطِ سلطتِهِ الوطنيّةِ، في محاولةٍ واضحةٍ لتصفيةِ قضيتهِ العادلةِ. غيرَ أنّ هذا المقترحَ، الذي أُعيدَ طرحُهُ في سياقِ العدوانِ الإسرائيليِّ المستمرِّ على غزةَ وبقية الأراضي الفلسطينيةالمحتلة، وخاصة منطقتي جنين وطولكرم ، قُوبلَ برفضٍ قاطعٍ من مصرَ، قيادةً وشعبًا، انطلاقًا من اعتباراتٍ وطنيةٍ وإستراتيجيةٍ ومبدئيةٍ.

الرفضُ المصريُّ الرسميُّ: موقفٌ ثابتٌ لا يتغيرُ

منذُ اللحظةِ الأولى لطرحِ هذهِ الأفكارِ المشبوهةِ، جاءَ الموقفُ المصريُّ حاسمًا برفضِ أيِّ محاولةٍ لتهجيرِ الفلسطينيينَ من أرضِهم، حيثُ أكّدَ الرئيسُ عبد الفتاح السيسي في تصريحاتٍ رسميةٍ أنّ "نقلَ الفلسطينيينَ من أرضِهم هو ظلمٌ لا يمكنُ أن نشاركَ فيهِ"، مضيفًا أنّ هذا المقترحَ "لا يخدمُ الاستقرارَ  والسلام  في المنطقةِ، بل على العكسِ، فإنهُ يفتحُ أبوابَ الفوضى وعدمِ الاستقرارِ لعقودٍ قادمةٍ".
كما عبر الموقفُ الشعبيُّ والإعلاميُّ المصري عن  إجماعٌ على رفضِ التهجيرِ لسكان قطاع غزة خاصة  وفلسطين عامة .
 كما لم يقتصرِ الرفضُ على المستوياتِ السياسيةِ، بل امتدَّ ليشملَ جميعَ فئاتِ الشعبِ المصريِّ، الذي يرى في هذا المقترحِ محاولةً مرفوضةً لتصفيةِ القضيةِ الفلسطينيةِ على حسابِ الأمنِ القوميِّ المصريِّ.
الإعلامُ المصريُّ، من جانبِهِ، شنَّ حملةً واسعةً ضدَّ هذهِ الأفكارِ، محذرًا من خطورةِ محاولاتِ فرضِ حلولٍ تُكرِّسُ الاحتلالَ وتخدمُ الأجندةَ الإسرائيليةَ الراميةَ إلى إفراغِ الأرضِ الفلسطينيةِ من سكانِها الأصليينَ.

الأبعادُ الإستراتيجيةُ للرفضِ المصريِّ

إن رفضُ مصرَ القاطعُ لهذا المقترحِ ينبعُ من اعتباراتٍ إستراتيجيةٍ وأمنيةٍ وسياسيةٍ، يمكنُ تلخيصُها فيما يلي:

- اولا: حمايةُ الهويةِ الفلسطينيةِ ومنعُ تصفيةِ القضيةِ، يُدركُ المصريونَ أنّ تهجيرَ الفلسطينيينَ من أرضِهم يعني محوَ هويتِهم الوطنيةِ، وخدمةَ المخططاتِ الصهيونيةِ الراميةِ إلى إضفاءِ طابعٍ دائمٍ على الاحتلالِ الإسرائيلي.
- ثانيا: تأمينُ الأمنِ القوميِّ المصريِّ، قبولُ مثلِ هذا المخططِ قد يُعرِّضُ سيناءَ والمناطقَ الحدوديةَ إلى اضطراباتٍ أمنيةٍ خطيرةٍ، خاصةً مع التعقيداتِ الأمنيةِ التي تواجهُها المنطقةُ بالفعلِ.
- ثالثا: رفضُ التوطينِ القسريِّ، على مدارِ العقودِ الماضيةِ، ظلّتِ مصرُ متمسكةً برفضِ أيِّ محاولاتٍ لفرضِ توطينِ الفلسطينيينَ خارجَ أراضيهم، انطلاقًا من التزامِها بدعمِ حقِّهم في العودةِ وتقرير المصير، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وفقًا للقراراتِ الدوليةِ.

لم يكنِ هذا الموقفُ المصريُّ منفرداً و منعزلًا، بل جاءَ ضمنَ سياق إجماعٍ عربيٍّ واضحٍ، عبَّرَ عنهُ الإجتماعٌ العربي  الخُماسيٌّ  الذي عُقدَ في القاهرةِ مؤخراً، ضمَّ مصرَ والأردنَ والسعوديةَ والإماراتِ وقطرَ.
حيثُ أكّدتِ هذه الدولُ الحاضرةُ رفضَ أيِّ محاولاتٍ لتهجيرِ الفلسطينيينَ من قطاع غزة او غيرها، وجَرى التأكيدَ على ضرورةِ إيجادِ حلٍّ عادلٍ وشاملٍ للقضيةِ الفلسطينيةِ، يستندُ إلى قراراتِ الشرعيةِ الدوليةِ، ويؤدي الى انهاءِ الإحتلال والإستيطان الإسرائيلي في الاراضي الفلسطينية الذي طالَ امدَّه.
تُجسّدُ مصرُ، بموقفِها الحاسمِ من هذه المقترحات الجهنمية، التصفوية، خطَّ الدفاعِ الأولَ عن الحقوقِ المشروعة للشعب  الفلسطيني، وترفضُ أيَّ محاولاتٍ لإعادةِ إحياءِ مشاريعِ التهجيرِ التي تُرادُ للفلسطينيينَ قسرًا او طوعا.
إنّ هذا الموقفَ الثابتَ لجمهوريةِ مصرَ العربيةِ،   شعباً،  وقيادةً، والذي يرتكزُ إلى مبادئَ قوميةٍ وأخلاقيةٍ، وقانونيةٍ، وتاريخيةٍ، يُؤكّدُ أنّ القضيةَ الفلسطينيةَ لا تزالُ في صميمِ أولوياتِ الدولةِ المصريةِ، وأنّ أيَّ حلولٍ لا تحترمُ حقوقَ الفلسطينيينَ المشروعةِ في وطنهم  فلسطين، ستظلُّ مرفوضةً ومُجابهةً بكلِّ الوسائلِ الممكنةِ، وما ينطبق على موقف  الدولة  المصرية، ينطبقُ على  مواقفِ  بقيةِ  الدول العربيةِ والإسلاميةِ، والتي  تمثلُ جميعها، الحاضنةِ للقضيةِ الفلسطينيِ.

المصدر : جنوبيات