مقالات مختارة >مقالات مختارة
“التوك توك” على طرقاتنا: وسيلة نقل و… موت
الاثنين 14 11 2022 10:42نادر حجاز
دخل الى يومياتنا منذ بدء الأزمة المعيشية الخانقة، وتحوّل الى رفيقنا على الطرقات بعدما كان بطل الأفلام والمسلسلات الهندية. إنه “التوك توك” الذي غزى المناطق اللبنانية بكثافة وكان البديل المنقذ لشريحة واسعة من اللبنانيين الذين يبحثون عن بدائل لوسائل النقل التقليدية ذات الكلفة الباهضة مع الارتفاع الجنوني لأسعار المحروقات.
ولكن هل هذا الضيف الجديد مصدر أمان في تنقلاتنا؟ وهل طرقات لبنان تناسب هذا النوع من وسائل النقل؟
الوظائف التي بات يقوم بها “التوك توك” تخطت كونه وسيلة نقل فردية، لا بل تحوّل الى “تاكسي”، والأخطر الى “باص” مدرسي بشروط سلامة عامة مفقودة.
الخبير في السلامة المرورية كامل ابراهيم برّر الظاهرة الجديدة بأنه “بعد غلاء البنزين وارتفاع كلفة التنقل، بحث اللبنانيون عن وسائل نقل بديلة، والبعض اعتمد “التوك توك” كوسيلة نقل وكـ”تاكسي” لنقل المواطنين مقابل بدل مادي”، مستطرداً “هنا تكمن الخطورة الكبيرة”.
وأشار ابراهيم، في حديث لموقع mtv، الى انه “في القانون اللبناني، وسائل النقل مقابل بدل مالي يجب أن تكون عمومية، و”التوك توك” طبعاً غير مسجّل كسيارات عمومية. ولكن الأخطر هو عدم وجود إطار تنظيمي لهذا القطاع، فـ”التوك توك” يكون عادة في المدن المكتظة بالسكان والتي تشهد طرقاتها سرعات متدنية وتنقل أشخاصاً من دون تشكيل خطر على حياتهم، ولكن السير عبر “التوك توك” على طرقات سرعاتها عالية، كالاوتوسترادات أو طريق ضهر البيدر مثلاً، فهذا خطير جداً وغير منطقي لا سيما مع قدوم فصل الشتاء والظروف المناخية القاسية”.
وحذّر ابراهيم من ان اختلاط وسائل نقل متعددة بين آليات كبيرة وسرعات عالية تشكل خطورة كبيرة، ولذلك فإن أي حادث يتعرض له “التوك توك” على هكذا طرقات سيكون مميتاً ويعرّض ركابه للخطر، لافتاً إلى انه بات يُعتمد كوسيلة لنقل التلاميذ حتى في بعض المناطق.
كما حذّر ابراهيم من استمرار الفوضى في هذا القطاع بالذات، وعدم تنظيمه من قبل وزارة الداخلية إن كان عبر تسجيل المركبات وتحديد الامكنة التي يُسمح له بالسير بها، معتبراً ان “هذا الأمر يرتبط بتطبيق قانون السير”، طارحاً عدداً من الأسئلة: “هل يحق للتوك توك أن ينقل أشخاصاً؟ هل يحق له أن يتقاضى بدلاً مالياً مقابل هذه الخدمة؟”، مشيراً الى ان هذا الأمر حمل مخاطر عالية والمشكلة ستكبر مع الوقت.
وحول سبل المعالجة، وضع ابراهيم الموضوع برسم وزارة الداخلية المنوط بها مسؤولية اتخاذ القرارات المناسبة وتنظيم هذا القطاع ومنع الفوضى فيه كي لا نصل الى مشاكل أكبر سيدفع ثمنها الناس، مستطرداً الى ملف التأمين وأي موقف لشركات التأمين متى وقع أي حادث مع “توك توك”.
فإذا كان اللبنانيون هربوا من غلاء البنزين الى هذه الوسيلة البديلة والرخيصة، فلا يعني أنها صالحة لكل تنقلاتهم وفي كل الأمكنة، فليس دائماً “التوك توك” نعمة و”وفّير” وأحياناً يكون الثمن أغلى بكثير متى فُقدت السلامة العامة.