لبنانيات >أخبار لبنانية
مَنْ أطلق صواريخ الجنوب.. ثلاثة سيناريوهات تُحدد الفاعل


محمد الجنون
رسائل عديدة حملها التوتر الحدوديّ بين لبنان وإسرائيل، أمس السبت، وذلك بعدما ظهرت بوادر فعلية لوجود "طابور خامس" يتمَّ تحريكه لتوجيه بريد عسكريّ نحو إسرائيل وبالتالي جرّ لبنان إلى مواجهة جديدة.
السؤال الأساس بعد ما حصل يوم أمس هو: "من أطلق الصواريخ على مستوطنة المطلة يوم السبت؟".
في بادئ الأمر، يجب تلخيصُ ما حصل لتوضيح الصورة. فجر السبت، تم إطلاق 3 صواريخ من لبنان باتجاه إسرائيل، فردت إسرائيل بقصفٍ جوي. بعد ذلك، أصدر الجيش بياناً أعلن فيه أنه ضبط منصات بدائية لإطلاق الصواريخ في المنطقة الواقعة شمال نهر الليطاني بين بلدتي كفرتبنيت وأرنون.
وسط ذلك، أصدر "حزب الله" بياناً نفى فيه علاقته بإطلاق الصواريخ، مشيراً إلى أنه ملتزم بإتفاق وقف إطلاق النار.
إذاً.. من الذي أطلق الصواريخ إن لم يكن "حزب الله"؟ هنا، يجب التفصيل والشرح ووضع السيناريوهات المحتملة لحادثة الجنوب، وهي ثلاثة:
السيناريو الأول لما حصل يشير إلى أن هناك مجموعة ما هي التي نفذت عملية إطلاق الصواريخ من منطقة شمال الليطاني، أي في المنطقة التي يمكن الوصول إليها من دون المرور على أي حواجز عسكرية للجيش، كما أنها مفتوحة تماماً للعناصر الفلسطينية التي قد تكون هي المتورطة نظراً لتجارب سابقة بالإضافة إلى "بدائية" الوسائل المُستخدمة. أيضاً، لم تستبعد مصادر أمنية أن تكون عناصر سورية هي التي تكون ضالعة في تلك العملية على أن تكون انطلاقة هؤلاء من أوساط النازحين السوريين في الجنوب أو خارجه.
المسألة هذه واردة إلى حدّ كبير، والأساس فيها أنَّ منطقة شمال الليطاني بدأت تدخلُ في إطار النزاع بعد وقف إطلاق النار وتحديداً على صعيد تواجد السلاح والصواريخ فيها، فيما اللاعب الأبرز فيها "حزب الله" ولا يمكن لأي أحد أن يتحرك هناك من دون معرفته.
في المقابل، كان "حزب الله" شدد مراراً على أن إتفاق الهدنة ينص على إفراغ جنوب الليطاني من سلاحه وليس منطقة شمال النهر، وبالتالي فإن مسرح العمليات في المنطقة الشمالية للنهر والتي يتواجد "حزب الله" فيها، قد يتحول إلى مكانٍ لتنفيذ الرسائل ما يعني وجود إمكانية للذهاب لاحقاً نحو توسيع نطاق اتفاق وقف إطلاق النار، ما يضيق الخناق على "حزب الله" أكثر من السابق.
السيناريو الثاني يتصلُ بإمكان أن تكون هناك جماعة تحركها إسرائيل هي التي قامت بتنفيذ العملية وبالتالي إقحام منطقة شمال الليطاني بمسألة إنهاء وجود السلاح فيها.. فما الذي يمنع حصول ذلك وسط وجود مُراقبة جويَّة إسرائيلية مستمرة لأجواء الجنوب ليلاً ونهاراً؟
في المقابل، تقول مصادر معنية بالشأن العسكري إنّ منصات الصواريخ التي تم العثور عليها من قبل الجيش بين كفرتبنيت وأرنون بدائية جداً لدرجة أنّ وجودها بالشكل الذي تم العثور عليه لا يوحي بأن صواريخ أُطلقت منها، وهذا ما يطرح علامات استفهام عن وجود إمكانية لوجود منصات فعلية في مناطق أخرى تمت من خلالها عملية استهداف المطلة، في حين أن هناك سيناريو يقول بأن المنصات التي تم العثور عليها مفبركة لتحييد الأنظار على المنصات الأخرى الموجودة والتي تكون بحوزة "حزب الله" في الغالب.
السيناريو الثالث ويرتبط بإمكانية ضلوع "حزب الله" نفسه في العملية من دون تبني ذلك. صحيح أن "الحزب" نفى ضلوعه في ما حصل، لكن الرسائل التي يريد إيصالها لإثبات وجود سلاحه قد تكون هي الممهد لما حصل، وبالتالي القول إن لديه القدرة على القصف من شمال الليطاني وليس فقط من جنوبه وبوسائل بدائية عادية.
الأساس أيضاً هو أن الحادثة التي حصلت تقاطعت مع 3 أحداث مفصلية: الأول وهو استئناف إسرائيل حرب غزة، الثاني تهديد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بضرب إيران والثالث إطلاق الحوثيين الصواريخ باتجاه اليمن.
إن تمّ الذهاب أكثر نحو وضع حادثة جنوب لبنان في سياق هذه الأحداث، فإن الرسالة ستكون إيرانية بامتياز، وأساسها أن إسرائيل ما زالت تحت الخطر حتى وإن كانت هناك إتفاقيات للهدنة في غزة ولبنان. وعليه، فإن الحادثة هذه تضع أميركا في موقفٍ حرج خلال التفاوض مع إيران ذلك أنّ إسرائيل ما زالت تتحدث عن إمكانية حصول 7 تشرين أول جديد من غزة وبالتالي إستمرار إيران بتحريك أدواتها هنا وهناك والقول إنَّ "محور المقاومة" لم يسقط ولديه القدرة على إحداث الإرباك لاسيما من خلال "حزب الله" ولبنان الذي قال رئيس حكومته نواف سلام إن معادلة جيش – شعب – مقاومة أصبحت من الماضي.
لذلك، في خلاصة القول، يتضحُ تماماً أنَّ من لديه القدرة على إحداث مثل هذه الأحداث من الجنوب لا بد أن يكون مرتبطاً بفلك الجماعات المسلحة التي نشطت خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان، فيما سيناريو "الطابور الخامس" الذي تحركه إسرائيل "غير مستبعد" على الإطلاق.. فلمن تميل الدفة أكثر؟