بأقلامهم >بأقلامهم
القرى السنّية جنوباً.. سباق بين التوافق ومعارك العائلات الانتخابية



جنوبيات
شاءت جغرافيا أبناء عشيرتي عرب القليطات والعرامشة، التي استوطنت بلدات، يارين، مروحين، البستان، الزلوطية، والضهيرة، منذ حوالي ثلاثة قرون، أن تكون متجاورة بشكل مباشر مع فلسطين. وتنال كغيرها من البلدات الحدودية قسطاً كبيراً من الدمار الشامل.
في أماكن نزوحهم وبعيداً عن بلداتهم التي لا يوجد فيها بيت أو قاعة لعقد لقاءات واجتماعات، يكثف أهالي تلك القرى وفعالياتها وأحزابها حواراتهم الأولية استعداداً لانتخابات المجالس البلدية والاختيارية المقررة في الخامس والعشرين من أيار المقبل.
دعوات للتوافق
ما يجمع هؤلاء في العلن هو الدعوة إلى التوافق لتجنب الاحتكاكات والتشنجات، فيما هم بأمس الحاجة إلى التضامن لإعادة بناء قراهم من الصفر الذي يحتاج إلى سنوات.
ويتفاوت الحراك الانتخابي بين بلدة وأخرى، لكنه يقطع يوماً بعد يوم أشواطاً لناحية محاولات إخراج توافقات، على وقع لقاءات عائلية وجهود حزبية وأهلية، تزامناً مع بدء إعلان ترشيحات بلدية وإختيارية مستقلة، مترافقة مع زيارات استطلاعية للمرشحين للعائلات والمفاتيح الانتخابية في قراهم.
يارين وتيار المستقبل
تتصدر بلدة يارين، كبرى بلدات وقرى المنطقة، المشهد الإنتخابي. يتألف مجلسها البلدي من 15 عضواً، وهو غير قائم منذ آخر إنتخابات بلدية في العام 2016. وقد تم حله حينها جراء خلافات على رئاسته بين فريقين تناصفا في عدد المقاعد آنذاك. لتيار المستقبل الحضور الأساسي ثم الجماعة الإسلامية وحزب الله وحركة أمل واليسار.
تبذل في يارين مساع يتولاها الرئيس الأسبق للبلدية حسين الوجه والرئيس السابق غسان مطلق وآخرين للتوصل إلى توافق يضم الطيف الياريني العائلي تحديداً. وإلى اليوم، لا يوجد لدى تيار المستقبل في البلدة أي توجه لترشيح حزبيين. بل يعمل "المستقبل"، بحسب مسؤوله في بلدات المنطقة أندي حمادي، على مضاعفة الاتصالات واللقاءات مع العائلات والقوى الفاعلة لإنجاز الاستحقاق البلدي من خلال التزكية.
ويقول حمّادي: "قطعنا شوطاً مهماً في يارين من أجل هذا الهدف، الذي يوفر الكثير من الإحتقان، لا سيما أن أهالي البلدة مثل جيرانهم في البلدات المنكوبة يتطلعون إلى لم الشمل لمواجهة التحديات التي أعقبت الحرب. وفي حال لم نوفق بالتوافق على فوز المجلس العتيد بالتزكية، فإن تيار المستقبل، سيكون على مسافة واحدة من الجميع في صناديق الإقتراع، كاشفاً عن إنجاز توافق كبير على مجلس بلدية بلدة الزلوطية الذي يتألف من تسعة أعضاء.
برز عدد من المرشحين المعلنين في يارين، من بينهم المرشح عدنان أبو دلة، لمنصب رئيس البلدية، كممثل لأكبرعائلات البلدة التي لم تتبوأ رئاسة البلدية منذ أول انتخابات في العام 2004. ويقول لـ"المدن": "خيارنا مع كل الحريصين هو التوافق. لا نريد معارك انتخابية على ركام بيوتنا ومنازلنا". ويؤكد أن الخيار العائلي في البلدة يتقدم على الخيارات الحزبية والسياسية التي تسعى بدورها إلى التوافق العائلي. هذا فيما يسعى المرشح المستقل خليل العبدالله إلى تشكيل نواة لائحة رفضاً لما أسماه "تعليب "المجلس البلدي". ويؤكد أن المرحلة تتطلب فريق بلدي استثنائي، مشيراً إلى أن الانتخابات في البلدة ذات منحى عائلي وتنافسي للخدمة العامة وليس تنافساً سياسياً أو حزبياً.
بدوره يشارك الرئيس السابق للبلدية غسان مطلق في الاتصالات عن كثب، ويشدد على أن الأوضاع العامة ومخلفات الاحتلال يستدعي تجنب المشاكل والعمل على إنجاز الاستحقاق بأقل خسائر ممكنة. وأبدى مطلق عتبه على عائلة أبو دله، التي أسرعت إلى ترشيح أحد أفرادها مباشرة لرئاسة المجلس البلدي قبل التوافق العام.
لا أولوية للانتخابات في مروحين
النشاط الانتخابي بين أبناء قرى البستان ومروحين والضهيرة يأتي محملاً بغصة النزوح وابتعاد السكان عن بيوتهم وأرزاقهم ومقار بلدياتهم المدمرة.
في بلدة مروحين، التي ما يزال قسم من أراضيها محتلاً، تأخذ الانتخابات طابعاً عائلياً، حيث التنافس بين عائلاتها الكبيرة وحلفائهما (آل غنّام وعبيد) وسط ضعف كبير للتمدد الحزبي والسياسي.
تطغى أولوية الإعمار والعودة في مروحين على كل شيء، وفق رئيس البلدية الحالي محمد غنّام. فلم يبق في البلدة سوى بضعة منازل بعدد أصابع اليد الواحدة في محلة إم التوت. ويقول إن النشاط والحراك الانتخابيان لا يزالان خجولان لغاية اليوم.
في قرية البستان، التي تتوسط بلدتي يارين ومروحين ويتألف مجلسها من تسعة أعضاء، يتابع أهالي البلدة الحدث الانتخابي في أماكن النزوح الموزعة بين منطقتي صور والزهراني بشكل رئيسي. وهم ما زالوا غارقين بمآسي النزوح وآثاره. ورغم ذلك بدأ حركة الترشيحات تنشط عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
في المقابل يتهيأ الرئيس الحالي للبلدية عدنان الأحمد لخوض الإنتخابات مرة جديدة، رغم مضي ثلاث دورات على ترؤسه المجلس البلدي. ويقول: "كل بلدات المنطقة وخاصة الحدودية، هي أحوج ما يكون للتوافق أكثر من أي وقت مضى، وبالتأكيد ليس من باب إلغاء أو إقصاء أحد".
رفض التزكية
في بلدة الضهيرة يجري العديد من فاعلياتها العائلية والاجتماعية مشاورات وإتصالات جانبية، تتولاها الجهات المؤثرة والناشطة في الشأن البلدي، من ضمنهم رؤساء بلديات سابقون ومخاتير ورجال دين.
ويؤكد المهندس وليد أبو سمرا (عضو مجلس بلدي معتكف منذ ست سنوات على خلفية نكث اتفاق توليه الرئاسة مناصفة) أن الانتخابات الحالية استثنائية بعد الحرب الإسرائيلية وتدمير قرانا وبلداتنا، مشيراً إلى ضرورة تضافر الجهود بين الجميع للتوافق على مجلس بلدي منتج.
من جانبه يرفض الشيخ ناجي سويد التوافق والتزكية. ويؤكد إنه يعمل على تشكيل نواة لائحة بالتواصل والتشاور مع العائلات والفاعلين في الشأن العام. ويضيف سويد، الذي ينخرط في العمل البلدي منذ وقت طويل، أنه يطمح لمجلس فعال يعمل لمصلحة البلدة خصوصاً في ظل الظروف الاستثنائية التي ليس بالضرورة تستدعي التزكية، لأن البلدة بحاجة إلى أشخاص منتخبين وكفوئين يضحون من أجل الصالح العام، كما قال.