بأقلامهم >بأقلامهم
"من فضلِ الله"!
"من فضلِ الله"! ‎الثلاثاء 15 04 2025 21:08 القاضي م جمال الحلو
"من فضلِ الله"!

جنوبيات

يُروى في صفحات الزّمان والمكان، أنّ رجلين ضريرين كانا يقعدان دومًا على حافة الطّريق المؤدّية إلى قصر أحد الملوك، لمعرفتهما أنّ زوجة الملك كانت من أصحاب الجود، ومعروفة بكرمها الحاتميّ.
وكان ﺃﺣﺪﻫﻤﺎ ينادي، وبصوت مرتفع:
 "ﺍﻟﻠﻬﻢّ ﺍﺭﺯﻗﻨﻲ ﻣﻦ ﻓﻀﻠﻚ".
أمّا ﺍﻵﺧﺮ فكان ﻳﻘﻮﻝ:
"ﺍﻟﻠﻬﻢّ ﺍﺭﺯﻗﻨﻲ ﻣﻦ ﻓﻀﻞ زوجة الملك".

ﻭمن جهتها ﻛﺎﻧﺖ زوجة الملك تسمع ما يقولانه بانتباه المتفكّر بعمق الكلام وأهدافه.
ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺗﺮﺳﻞ ﻟﻤﻦ ﻃﻠﺐ (ﻓﻀﻞ ﺍﻟﻠﻪ) ﺩﺭﻫﻤﻴﻦ.
 ﻭترسل ﻟﻤﻦ ﻃﻠﺐ (ﻓﻀﻠﻬﺎ) ﺩﺟﺎﺟﺔ ﻣﺸﻮﻳّﺔ ﻓﻲ ﺟﻮﻓﻬﺎ ﻋﺸﺮﺓ ﺩﻧﺎﻧﻴﺮ.

أمّا ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﺪّﺟﺎﺟﺔ فكان ﻳﺒﻴﻊ ﺩﺟﺎﺟﺘﻪ ﻟﺼﺎﺣﺐ ﺍلدّﺭﻫﻤﻴﻦ، "ﺑﺪﺭﻫﻤﻴﻦ ﻛﻞّ ﻳﻮﻡ"، ﻭﻫﻮ ﻻ ﻳﻌﻠﻢ ﻣﺎ ﻓﻲ ﺟﻮﻓﻬﺎ ﻣﻦ ﺩﻧﺎﻧﻴﺮ.
 ﻭﺃﻗﺎﻡ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﻋﺸﺮﺓ ﺃﻳّﺎﻡ ﻣﺘﻮﺍلية، من بعدها ﺃﻗﺒﻠﺖ زوجة الملك ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ ﻭسألت طالب ﻓﻀﻠﻬﺎ:
 ﺃﻣﺎ ﺃﻏﻨﺎﻙ ﻓﻀﻠﻨﺎ؟
ﻗﺎﻝ:
ﻭﻣﺎ ﻫﻮ؟
ﻗﺎﻟﺖ:
مئة ﺩﻳﻨﺎﺭ ﻓﻲ ﻋﺸﺮﺓ ﺃﻳّﺎﻡ.
ﻗﺎﻝ:
 ﻻ، فكنت ﺃبيع الدّجاجة ﻟﺼﺎﺣﺒﻲ ﺑﺪﺭﻫﻤﻴﻦ!
فضحكت وقاﻟﺖ:
"طلبت ﻣﻦ ﻓﻀﻠﻨﺎ" ﻓﺤﺮمك ﺍﻟﻠﻪ.
ﻭﺫﺍﻙ ﻃﻠﺐ ﻣﻦ ﻓﻀﻞ ﺍﻟﻠﻪ، ﻓﺄﻋﻄﺎﻩ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺃﻏﻨﺎه".

إنّها قصة فيها العبرة لمن يعتبر بأنّ المعطي هو الله، والكافي هو الله، الحكم العدل.

"فمن ﺍﻋﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ النّاس ﺫﻝّ.
ﻭﻣﻦ ﺍﻋﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ماله ﻗﻞّ.
ﻭﻣﻦ ﺍﻋﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ علمه ﺿﻞّ.
ﻭﻣﻦ ﺍﻋﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ نفسه ﻣﻞّ.
ﻭﻣﻦ ﺍﻋﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ فما ﺫﻝّ ﻭﻻ ﻗﻞّ ﻭﻻ ﺿﻞّ ﻭﻻ ﻣﻞّ".
وعليه،
 وفي وطننا المحزون، فلنسأل الله العفو والعافية، واللطف من دار الفتون، لعلّ الله يحدث أمرًا، فتُرفع عنّا الدّيون، ويُعاد إلينا الحقّ المدفون بمقتضى كلمة  السّر المكنون:
"كن فسيكون"..
ولا تسبق "الكاف" "النّون"...

المصدر : جنوبيات