بأقلامهم >بأقلامهم
غزة: استمرارية العدوان ودوافعه والمستفيدون منه...!
غزة: استمرارية العدوان ودوافعه والمستفيدون منه...! ‎الأحد 5 01 2025 12:06 د. عبد الرحيم جاموس
غزة: استمرارية العدوان ودوافعه والمستفيدون منه...!

جنوبيات

مرَّت  خمسة عشر شهرًا على بدء الحرب والعدوان على قطاع غزة، وما زالت الأوضاع تتفاقم وتزداد سوءًا دون نهاية في الأفق. الدمار والقتل والتشريد هي العناوين الأبرز لهذه الحرب، إذ تحمل في طياتها مآسي إنسانية واقتصادية واجتماعية للشعب الفلسطيني في قطاع غزة خاصة وفلسطين عامة، يصعب حصرها.

السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح: من المستفيد من استمرار هذا العدوان؟ ولماذا لا يتم العمل على ردعه بجدية لوقف هذه الكارثة الإنسانية؟

دوافع إسرائيل لاستمرار الحرب والعدوان

  1. أهداف سياسية داخلية:
    تُستخدم الحرب كوسيلة لصرف الأنظار عن الأزمات الداخلية التي تواجهها الحكومة الإسرائيلية، مثل أزمة القضاء، قضايا الفساد، والانقسامات السياسية بين القوى الحزبية. يضاف إلى ذلك توظيف الخطاب الأمني لتعزيز شعبية الأحزاب اليمينية المتطرفة وتحقيق مكاسب انتخابية.

  2. إضعاف روح وقوى المقاومة الفلسطينية:
    تحاول إسرائيل من خلال استمرار الحرب إضعاف واستنزاف قدرات الشعب الفلسطيني والقضاء على روح المقاومة الفلسطينية عبر ضرب حاضنتها الشعبية، تدمير بنيتها التحتية العسكرية والاقتصادية، وكي الوعي الفلسطيني، والتمكين من فرض سياسة الردع العسكرية والأمنية تجاه أي محاولات مستقبلية لمقاومة الاحتلال.

  3. السيطرة على الموارد والمناطق الفلسطينية عامة:
    تعمل إسرائيل على ترسيخ سيطرتها على الأراضي الفلسطينية عامة، في الضفة الغربية وقطاع غزة، وفرض وقائع جديدة على الأرض، مثل التوسع الاستيطاني ونهب الموارد الطبيعية. قطاع غزة يمثل عقبة استراتيجية أمام مشروع الهيمنة الإسرائيلية على الموارد الطبيعية، لذلك تسعى إسرائيل إلى تدميره ودفع سكانه إلى الهجرة خارجه، ومحو كافة المخيمات فيه لما تمثله من رمزية لقضية اللاجئين وحق العودة، وتركه في حالة ضعف وفقر دائم.

  4. أبعاد إقليمية ودولية:
    تسعى إسرائيل من استمرار الحرب إلى إثبات نفسها كقوة إقليمية عسكرية مسيطرة، تتفوق على كافة القوى في المنطقة، وتفرض سيطرتها على منطقة الشرق الأوسط، مستفيدة من الدعم غير المشروط من الولايات المتحدة وبعض القوى الأوروبية الكبرى.

القوى الدولية المستفيدة من استمرار العدوان

  1. الولايات المتحدة الأمريكية:
    تقدم واشنطن دعمًا عسكريًا وماليًا غير محدود لإسرائيل. إبقاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي مشتعلًا يحقق لها وجودًا عسكريًا وسياسيًا في المنطقة ويعزز مبيعات الأسلحة لدول المنطقة.

  2. الدول الأوروبية:
    بعض الدول الأوروبية تدعم إسرائيل دبلوماسيًا، كما تستفيد شركات الأسلحة الأوروبية من زيادة الطلب على الأسلحة في ظل استمرار النزاع.

  3. روسيا والصين:
    لا تدعمان إسرائيل مباشرة، لكن استمرار الصراع في الشرق الأوسط يُبعد الانتباه الدولي عن المناطق التي تسعى فيها كل من روسيا والصين لتوسيع نفوذهما، كما تستفيدان من تجارة الأسلحة والموارد في المنطقة.

القوى الإقليمية المستفيدة

  1. إيران:
    ترى إيران في استمرار الصراع فرصة لتعزيز نفوذها الإقليمي من خلال دعم المقاومة الفلسطينية وحركات مقاومة أخرى في المنطقة، واستخدام القضية الفلسطينية كجزء من خطابها السياسي والإعلامي.

  2. تركيا:
    تحاول تركيا الاستفادة من القضية الفلسطينية لتعزيز دورها الإقليمي والدولي، مستغلة الحرب لاستقطاب الرأي العام الإسلامي ودعم نفوذها في العالم العربي.

السؤال الملح الآن: هل من نهاية لهذه الحرب العدوانية والإجرامية؟

إن إنهاء هذه الحرب يتطلب:

  1. إرادة دولية حقيقية للضغط على إسرائيل لإنهاء العدوان ورفع الحصار.
  2. توحيد الجهود الفلسطينية والعربية والعمل الجدي لاستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية في إطار م.ت.ف لمواجهة هذا التحدي المصيري.

لكن للأسف، يبدو أن استمرار الحرب يخدم مصالح قوى عديدة، دولية وإقليمية، وليس فقط إسرائيل. وفي ظل غياب الحلول الجذرية والضغوط الفعالة، يبقى الشعب الفلسطيني هو الضحية الأكبر لهذه المأساة المستمرة.

ختامًا، لا بد من أن يتحرك الضمير العالمي لإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني في غزة وكل فلسطين. السبيل الوحيد لذلك هو تحقيق الحقوق المشروعة غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني في حق العودة، تقرير المصير، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، وفق قواعد القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية. السلام العادل والشامل هو الحل الوحيد لإنهاء هذه المأساة، وما دون ذلك سيبقى الوضع كما هو، بل ربما يتفاقم أكثر في جولات لاحقة من العنف والصراع.

 

المصدر : جنوبيات