عام >عام
أسباب فشل اجتماع الفصائل الفلسطينية في موسكو.. صدمة روسية ومصرية من طرح إلغاء شرعية "منظّمة التحرير"
أسباب فشل اجتماع الفصائل الفلسطينية في موسكو.. صدمة روسية ومصرية من طرح إلغاء شرعية "منظّمة التحرير" ‎الاثنين 18 02 2019 09:41
أسباب فشل اجتماع الفصائل الفلسطينية في موسكو.. صدمة روسية ومصرية من طرح إلغاء شرعية "منظّمة التحرير"
خلال لقاء الفصائل الفلسطينية في موسكو

هيثم زعيتر

شكّل إفشال بعض الفصائل الفلسطينية للقاءات موسكو صدمة، في التوقيت والذرائع.
فقد جاءت دعوة "معهد الاستشراق" الروسي لـ12 فصيلاً في "منظّمة التحرير الفلسطينية" وخارجها  للقاء في موسكو، من أجل الخروج بموقف سياسي فلسطيني موحّد، يُعزّز الموقف الروسي في مواجهة التفرّد الأميركي ومحاولة تصفية القضية الفلسطينية في إطار "صفقة القرن"، وتوجيه رسالة قوية بإجماع فلسطيني، بأنّ الأمن والاستقرار في المنطقة، لا يمكن تحقيقه دون حل عادل للقضية الفلسطينية.
هذا في وقت، كانت فيه الولايات المتحدة الأميركية تحشد في "مؤتمر الشرق الأوسط" في وارسو، في بولندا، تحت عنوان "مواجهة النفوذ الإيراني"، لكن غايته تكريس التطبيع مع الإحتلال، دون حل عادل للقضية الفلسطينية، لتمرير الصفقة، المؤامرة.
ومع مواصلة مستشار الرئيس الأميركي دونالد ترامب، صهره جاريد كوشنير السعي إلى تأمين أكبر دعم للصفقة، قبل الإعلان المتوقّع لتفاصيلها، بعد الانتخابات الإسرائيلية العامة، في نيسان المقبل، وتشكيل حكومة جديدة.
لكن الخطورة في الذرائع، التي اتُّخِذَتْ لإفشال اللقاء في موسكو، انطلاقاً من ثابتة رئيسية، هي أنّ الحوارات والنقاشات تنطلق من المراحل التي تمَّ التوافق عليها، وليس أنْ تنسف بعض الأطراف الموقِّعة على الإعلانيين السابقين في موسكو في العامين 2011 و2017، ما جرى التوصّل إليه - أي قبل إعلان ترامب قراره الإعتراف بالقدس الموحّدة عاصمة للكيان الإسرائيلي، ومن ثم نقل سفارة بلاده من تل أبيب إليها.
وكان الهدف الروسي من لقاء موسكو، بحث سُبُل حماية القضية الفلسطينية، انطلاقاً ممّا تعتقده نقاط تلاقٍ بين القوى الفلسطينية، وهو لم يكن مخصّصاً لمناقشة ملف المصالحة الفلسطينية الداخلية، بل القضية الفلسطينية بصورة عامة، لمواجهة تفرّد الإدارة الأميركية ومحاولة تمرير "صفقة القرن"، التي بدأت بتنفيذ بعض بنودها قبل أنْ تُعلن عنها.
وأيضاً سُبُل مواجهة سياسات الإحتلال الإسرائيلي، بشأن الاستيطان، ومحاولات التهويد وحصار قطاع غزّة.
على أنّ النتائج المعوّلة على لقاء موسكو، كان من الممكن أنْ تُساهم في كسر الجمود بين الفصائل الفلسطينية، بعد انسداد أفق تنفيذ بنود المصالحة، لأنّ المطلوب هو تنفيذ ما تمّ الاتفاق عليه في القاهرة في 4 أيّار 2011، ومن ثم ورقة التفاهمات، الموقّعة في القاهرة أيضاً في 12 تشرين الأوّل 2017، ولا حاجة إلى حوارات جديدة.
ترأس وفود الفصائل الفلسطينية عند انطلاق الاجتماعات: عزام الأحمد (فتح)، موسى أبو مرزوق (حماس)، صالح عبد الأحد "فهد سليمان" (الجبهة الديمقراطية)، ماهر الطاهر (الجبهة الشعبية)، مصطفى البرغوثي (المبادرة الوطنية)، بسّام الصالحي (حزب الشعب)، أحمد مجدلاني (جبهة النضال)، طلال ناجي (القيادة العامة)، زهيرة كمال (فدا)، فرحان أبو الهيجاء (الصاعقة)، واصل أبو يوسف (جبهة التحرير الفلسطينية) ومحمّد الهندي (الجهاد الإسلامي)، الذي انسحب من الاجتماع بعد بدايته.
وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، قد أكد لممثّلي الفصائل الفلسطينية، أنّ "ما يُعرف بـ"صفقة القرن" الأميركية سيدمّر كل شيء تمّ القيام به حتى الآن، والحديث فيها يدور على نهج لا يشمل إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية".
وكشفت مصادر فلسطينية، شاركت في اللقاء، لـ"اللـواء"، أنّ افتتاح الجلسات كان بكلمة مدير "معهد الاستشراق" الروسي فيتالي نعومكين، حيث عرض المسودة التي أعدّها الجانب الروسي كورقة للنقاش، فاعترض ممثّل "الجهاد الإسلامي" الهندي على ما يتعلّق بـ:
- إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، مطالباً بحذف حدود 67 والقدس الشرقية.
- حق العودة وفقاً للقرار 194، الذي ينص على عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أرضهم مع حق التعويض، معتبراً أنّ ذلك يعني اعترافاً بـ"إسرائيل".
- "منظّمة التحرير الفلسطينية" ممثّل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني.
وبعد إصرار ممثّل "الجهاد" الهندي على اعتراضه، أعلن انسحابه وغادر اللقاء، فأعلنت الفصائل الـ11 المتبقية اعتباره وكأنّه لم يحضر اللقاء.
لكن مع مواصلة أعمال اللقاء، وبعدما تحدّث رئيس وفد "فتح" الأحمد، تحدّث رئيس وفد "حماس" أبو مرزوق، فأعلن أنّه لن يوقّع على الإعلان، في غياب "الجهاد".
وأُنهِيَ الاجتماع، ولم تتم إذاعة "إعلان موسكو"، خلال المؤتمر الصحفي الذي عُقِد، فاعتذر الأحمد من موسكو ومصر والجميع، بسبب فشل التوافق الفلسطيني.
والسؤال الذي يُطرح، ما هي دوافع إفشال عقد اللقاء، وهو الثالث بدعوة من موسكو، في ظل هذه الظروف التي تستهدف تصفية القضية الفلسطينية؟، تماهياً مع:
- مُحاولة إيجاد أُطُر بديلة عن "منظّمة التحرير الفلسطينية"، التي قدّمت التضحيات من أجل محافظتها على القرار الوطني المستقل، وأهمية التمثيل الشرعي الفلسطيني!
- سعي البيت الأبيض والكيان الإسرائيلي إلى تجاوز الممثّل الشرعي الفلسطيني و"مبادرة السلام العربية" التي أُقرّت في بيروت، بمحاولات التطبيع مع الإحتلال، وليس أدلُّ على ذلك تزامناً عقد "مؤتمر وارسو"!
- إصرار إدارة ترامب على تمرير "صفقة القرن"، التي تعتبر أنّ القدس الموحّدة عاصمة للكيان الإسرائيلي، وأيضاً رفض إقامة الدولة الفلسطينية المتصلة جغرافياً، بل بتكريسها في قطاع غزّة مع مساعدات اقتصادية واجتماعية، اختزالاً للنضال الفلسطيني!
وأبلغت مصادر مطلعة "اللـواء" بانزعاج روسي لما جرى، حيث تحدّث نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف إلى ممثلي الفصائل الفلسطينية قائلاً: "سنكون سعداء، بإنهائكم الانقسام حتى تخدموا أنفسكم، لنتمكّن من أنْ نخدمكم".
كذلك عن صدمة نائبة السفير المصري في موسكو، التي حضرت اللقاء، وهو ما رفعته إلى المسؤولين في مصر، لأن نتائج ما جرى يعني وضع المزيد من العقبات في وجه المصالحة التي ترعاها مصر.
ومع مغادرة الوفود الفلسطينية للعاصمة موسكو، أجرى بوغدانوف اتصالاً بوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أبلغه بما جرى، فشدّد الأخير على أهمية إصدار بيان عن اللقاء، حيث جرت اتصالات، مع غالبية الوفود، وكانت في بهو الفندق، حيث إقامتها، فوقّع كل من ممثّلي: "فتح"، "جبهة النضال"، "جبهة التحرير الفلسطينية"، "حزب الشعب" و"المبادرة الوطنية".
وأجرى المسؤول الروسي نعومكين اتصالاً بمسؤول وفد "الجبهة الديمقراطية" فهد سليمان، الذي كان قد وصل إلى المطار، فأبلغه بتفويض الأحمد التوقيع بإسم الجبهة، وهو ما تكرّر مع الأمينة العامة لحزب "فدا" زهيرة كمال، التي فوّضت الأحمد أيضاً.
وخلال الاتصال مع ممثّل "حماس" أبو مرزوق، أشار إلى أنّه لن يوقّع، وأنّ القرار لدى قيادته المركزية!
وانسحب عدم التوقيع أيضاً على 3 من فصائل "منظّمة التحرير"، هي: "الجبهة الشعبية"، "الجبهة الشعبية - القيادة العامة" و"الصاعقة".
فرصة ثمينة لدعم الموقف الفلسطيني، أضاعتها بعض الفصائل الفلسطينية، ستُرخي بظلالها على تعميق الانقسام الداخلي، وتُضعِف موقف الدول الداعمة للقضية الفلسطينية، استناداً إلى قرارات الشرعية الدولية بالحق الفلسطيني، والتي سيتذرّع بها الإحتلال الإسرائيلي والإدارة الأميركية، وتحقّق مآرب مستغلّي القضية الفلسطينية!