عام >عام
صيدا في مرمى نيران المجموعات الإرهابية
إصرار على خرق وقف إطلاق النار في عين الحلوة
صيدا في مرمى نيران المجموعات الإرهابية ‎الخميس 24 08 2017 09:10
صيدا في مرمى نيران المجموعات الإرهابية
نكبة جديدة حلّت بالشارع الفوقاني لمخيّم عين الحلوة

هيثم زعيتر

يتّجه الوضع في مخيّم عين الحلوة نحو المزيد من التأزّم في ظل عدم حسم كافة القوى الفلسطينية لمواقفها بالمشاركة الفعّالة في "القوّة المشتركة"، التي كان قد جرى الإعلان عنها بمشاركة جميع هذه القوى، وفي ظل إصرار "مجموعة بلال بدر" وعدد من المناصرين والمجموعات الإسلامية المتشدّدة على خرق قرار وقف إطلاق النار، كلّما تمَّ التوصّل إليه.
وبين وقف إطلاق النار وخرقه، وإعادة تكرار "سيناريو" التوتير بين الحين والآخر، يبدو أنّ هناك مَنْ يُصر على أنْ يكون مخيّم عين الحلوة ملتهباً دائماً، ويتم إحصاء جولات التوتير والاشتباكات على غرار ما جرى سابقاً في طرابلس، إلى أنْ صدر الأمر وتوقّفت هذه الجولات ورُفِعَتْ المتاريس، وعادت الأمور إلى ما سبق ذلك، وكأنّ شيئاً لم يكن.
وأمس، تباينت المعلومات بشأن انتشار "القوّة المشتركة" في حي الطيري، داخل الشارع الفوقاني للمخيّم، والذي يُعتبر المعقل الأساسي لـ"مجموعة بدر"، وشهد اشتباكات ضارية بعد انكفائه عنه، وأخرى لجهة عدم نشر هذه القوّة، وهو ما أكده قائدها العقيد بسام السعد، الذي أعلن عن عقبات من القوى الإسلامية تمنع انتشار "القوّة المشتركة" في "حي الطيري"، داخل المخيم.
محاولات لنقل الاشتباكات إلى صيدا
لكن الأخطر في الموضوع هو محاولة المجموعات الإسلامية المتشدّدة نقل الصراع من داخل مخيّم عين الحلوة مع حركة "فتح" وعدد من المنضوين ضمن "القوّة المشتركة" إلى مدينة صيدا، التي استهدفت أمس، في مركز رسمي وآخر أمني، الأوّل هو سراي صيدا الحكومي، والثاني هو المديرية الإقليمية لأمن الدولة الواقعة داخل السراي، ما أدّى إلى إصابة عنصرين بجراح.
وعلى الأثر، أعطى محافظ الجنوب منصور ضو توجيهاته بإقفال سراي صيدا الحكومي، حيث غادرها الموظّفون، تجنّباً للرصاص الطائش، الذي استهدف أيضاً الأوتوستراد المحاذي للمخيّم من الجهة الغربية، ما يضطر القوى الأمنية إلى قطعه مرّات عدّة.
كما طال القنص منزل النائب الراحل المهندس مصطفى سعد في محيط "ساحة الشهداء"، حيث اخترقت رصاصة طائشة زجاج شرفة المنزل دون وقوع إصابات، وذلك بعدما كان قد وصل إلى أحياء مختلفة من مدينة صيدا والفيلات وسيروب ودرب السيم.
ويبدو أنّ هذه المجموعات تسعى إلى توسيع رقعة الاشتباكات إلى خارج المخيّم، بعدما فشلت بالتمدّد إلى أحياء أخرى من الشارع الفوقاني وتحديداً: الطيري، الصحون، الرأس الأحمر، الصفصاف، فضلاً عن سوق الخضار وجبل الحليب.
ويهدف ذلك إلى محاولة استدراج الجيش اللبناني إلى معركة تنفيذاً لما جرى رصده من اتصالات بين مسؤولين لـ"داعش" و"جبهة النصرة" مع الإرهابي المطلوب والمتواري داخل مخيّم عين الحلوة شادي المولوي، والذي يدير هذه العمليات الإرهابية، وأيضاً بعد التسجيلات التي بُثّت لمسؤولين في "داعش" تدعوه إلى مناصرة "إخوانهم المحاصرين في جرود رأس بعلبك والقاع".
وشهد المخيّم أمس اشتباكات عنيفة تركّزت في "حي الطيري"، ما أدّى إلى مقتل العنصر الفتحاوي "أبو حسين" السوري، الذي نُقِلَتْ جثته إلى براد "مستشفى الهمشري" - المية ومية – صيدا.
وأفيد عن سقوط 5 جرحى، عُرِفَ منهم العنصر في حركة "فتح" عمر أبو شقير، طارق عثمان و(عمار.ع) الذين نُقلوا إلى "مستشفى الهمشري"  و(حسين ع.) من حركة "فتح" الذي نقل إلى "مستشفى النداء الانسائي" في المخيّم، كما الجريح عمّار علي الذي نُقِلَ إلى مستشفى الهمشري – المية ومية - صيدا للمعالجة.
فيما جال قائد "قوات الأمن الوطني الفلسطيني في لبنان اللواء صبحي أبو عرب في "حي طيطبا" متفقداً "قوات الأمن الوطني"، والتقى قائد "كتيبة شهداء عين الحلوة" العقيد قتيبة تميم وقادة الوحدات العسكرية.
وعاد اللواء أبو عرب الجرحى الذين أُصيبوا في الاشتباكات الأخيرة، حيث زار في "مستشفى الراعي" مطمئناً عن صحة كل من قائد "كتيبة شهداء شاتيلا" العقيد عبد السبربري والجريحين نضال الدنان ولؤي خالد.
وشدد أنه "اعتدي علينا وعلى الاجماع الفلسطيني وعلى "القوة المشتركة" فكان يجب الدفاع  وخوض المعركة، وأي اعتداء على "الأمن الوطني" و"القوة المشتركة" سنرد عليه بقوة".
من جهته، أكد قائد "قوات الأمن الوطني الفلسطيني" في منطقة صيدا العميد أبو أشرف العرموشي التزامه وعناصر "الأمن الوطني" بالتهدئة في مخيم عين الحلوة إفساحاً في المجال لوقف إطلاق النار في حال جرى انسحاب المسلحين وانتشار "القوة المشتركة"، مشدداً على أن "هذا موقف حركة "فتح" السياسي، ونحن نلتزم بالتعليمات".
فيما لفت العقيد بسام السعد إلى "أنّ "القوّة المشتركة" هي شراكة من جميع القوى وعلى الجميع التعاون لانجاح مهامها بأن تأخذ صلاحياتها كاملة لحفظ الأمن داخل المخيّم".
وأشار العقيد السعد في تصريح له إلى "أنّ هذا الأمر لا يبشّر بالخير للوضع الأمني داخل المخيّم، الذي قد يهتز مجدّداً بفعل عدم إلتزام بعض القوى بمقرّرات القيادة السياسية الفلسطينية في منطقة صيدا"، لافتا إلى "أنّ المقنّعين التابعين لمجموعتي بدر والعرقوب ما زالوا على انتشارهم في حي الطيري".
وتابع: "ما حصل من اجتماع في مقر "القوّة المشتركة" كان بمثابة حفلة تصوير نظراً إلى عدم التزام بعض القوى الإسلامية بهذا القرار، فإما أن تكون "القوّة المشتركة" شراكة من الجميع وتكون لديها صلاحيات كاملة لضبط الوضع، وإما أنْ تبقى الأمور والخروقات الأمنية على ما هي عليه منذ نيسان الماضي".
مساعٍ وجهود للحلحلة
ويُرتقب أنْ تشهد الساعات القليلة المقبلة اتصالات مكثّفة بين تيارات فلسطينية – فلسطينية وفلسطينية – لبنانية لحسم منع تكرار الخروقات الأمنية، التي تمعن في تنفيذها المجموعات الإسلامية المتشدّدة، تنفيذاً لأجنداتها الخارجية وارتباطاً بما يجري في معركة "فجر الجرود" التي يخوضها الجيش اللبناني في رأس بعلبك والقاع.
ووصل أمس، عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" المشرف على الساحة اللبنانية عزام الأحمد، الذي سيلتقي عدداً من المسؤولين الفلسطينيين والقيادات اللبنانية الرسمية والأمنية والعسكرية والحزبية لبحث أكثر من ملف بينها الوضع الأمني في عين الحلوة.
إلى ذلك، ناقشت قيادتا حركة "فتح" والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في لبنان خلال لقاء جمعهما أمس، في سفارة دولة فلسطين في بيروت الأوضاع السياسية العامة وأوضاع المخيمات والوضع الأمني في مخيم عين الحلوة والأخطار التي تشكلها المجموعات الإرهابية على الأمن والإستقرار في المخيم ومع الجوار.
وأكد الجانبان على ضرورة تفعيل مبادىء العمل المشترك التي أجمعت عليها القيادة السياسية للفصائل والقوى الوطنية والإسلامية، وعلى ضرورة تدعيم وتعزيز القوة الفلسطينية المشتركة، للقيام بعملها الميداني وإتخاذ الإجراءات المناسبة لحفظ الأمن وضبط الأوضاع في كل أرجاء المخيم، بالتنسيق والتعاون مع الدولة اللبنانية، واجهزتها العسكرية والأمنية بما يحفظ الوجود الفلسطيني في لبنان ويعزز ويطور العلاقات اللبنانية الفلسطينية على كافة المستويات، ومن أجل تعزيز الإستقرار وتوفير الأمن والأمان لأهالي مخيم عين الحلوة حتى تعود الأوضاع إلى طبيعتها ويعيش الناس حياة عادية لتأمين عيشهم الكريم.
وشدد الجانبان على ضرورة العمل والإسراع في بلسمة جراح شعبنا والأضرار التي لحقت بهم جراء ما وقع من أحداث تسببت بها المجموعات الإرهابية.
لقاءات صيداوية
من جهة أخرى، وفي إطار المساعي الهادفة لوقف إطلاق النار ووضع حد للاشتباكات، استقبل سعد في مكتبه، الأمين العام لـ"الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة" الشيخ ماهر حمود، ومسؤول "حزب الله" في صيدا الشيخ زيد ضاهر بحضور أعضاء الأمانة السياسية للتنظيم: ناصيف عيسى، وحمد ظاهر وبلال نعمة.
* كما أجرى سعد للغاية ذاتها اتصالات بعدد من المسؤولين المعنيين، من بينهم: سفير دولة فلسطين في لبنان أشرف دبور، رئيس فرع مخابرات الجيش اللبناني في الجنوب العميد فوزي حمادي، وأمين سر حركة "فتح" وفصائل "منظمة التحرير الفلسطينية" في لبنان فتحي أبو العردات.
إلى ذلك، عقد لقاء الأحزاب اللبنانية في الجنوب اجتماعاً طارئاً في مكتب أمين عام "التنظيم الشعبي الناصري" الدكتور أسامة سعد، بحضور رئيس "الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة" الشيخ ماهر حمود، وجرى بحث أوضاع منطقة صيدا.
     وأصدر المجتمعون بيانا اعتبروا فيه "أن ما يجري في مخيم عين الحلوة يأتي في سياق إشغال الشعب الفلسطيني عن قضيته الأساسية، وإلغاء دور المخيم الوطني بالوقوف مع فلسطين الانتفاضة في الداخل، والتآمر على القضية الفلسطينية  لشطب حق العودة"، مؤكدين "على أهمية وحدة الموقف الفلسطيني في مواجهة هذه الحالات التكفيرية الشاذة التي تسعى بشكل دائم إلى افتعال الأحداث الأمنية داخل المخيم".
وأعرب المجتمعون عن "أسفهم الشديد لاستمرار الأحداث في عين الحلوة والتي سببت كارثة اجتماعية وأدت إلى تهجير معظم أهالي المخيم"، مطالبين بـ"عودة سريعة للأهالي إلى منازلهم"، مشددين "على أهمية المواقف الجدية من قبل كافة الفصائل الفلسطينية بمتابعة ما حدث وملاحقة مرتكبي الأحداث وإدانتهم وفضح ارتباطاتهم الخارجية التي لا تخدم إلا العدو الصهيوني والسعي إلى توقيفهم وتسليمهم إلى السلطات اللبنانية".
وفيما أكد اللقاء "حرصه على أمن الشعبين اللبناني والفلسطيني داخل مخيم عين الحلوة ومدينة صيدا، حذر من مغبة الاستمرار بالاستهتار بمصالح السكان الآمنين اللبنانيين والفلسطينيين".
وكان أمين عام "التنظيم الشعبي الناصري" الدكتور أسامة سعد قد جال في منطقة تعمير عين الحلوة في ظل الاشتباكات التي يشهدها المخيم، والتي تنعكس تداعياتها ليس على أهالي مخيم عين الحلوة فحسب، بل على مدينة صيدا وجوارها، وبخاصة الأحياء الملاصقة للمخيم مثل التعمير والفيلات وغيرهما.
وشملت جولة سعد منطقة التعمير التحتاني، حيث التقى أهالي الحي سائلا عن أوضاعهم وأحوالهم.
من جهتهم، أهالي التعمير تحدثوا عما يلحق بهم من أضرار، جراء الاشتباكات، وعن تخوفهم من استمرارها.
كما شملت الجولة قاعة جامع الموصللي، حيث تفقد أحوال النازحين من المخيم الذين تحدثوا عن معاناتهم وعن الخسائر التي لحقت بهم جراء تضرر منازلهم ومصادر رزقهم والدمار الذي أصاب أحياءهم.
واستمع سعد الى  معاناتهم ومآسيهم، وعبرعن غضبه واستنكاره "لعدم مبادرة أي طرف من داخل المخيم أو من خارجه للنظر إلى أوضاعهم وتقديم يد العون والمساعدة وتأمين الملجأ لهم".
من ناحيته، أطلق رئيس بلدية صيدا المهندس محمد السعودي صرخة ضمير من أجل "وقف إطلاق النار في مخيم عين الحلوة، ضناً بحياة وأرواح آلاف الإخوة من أبناء الشعب الفلسطيني"، محذراً من "تداعيات إستمرار الإشتباكات على مدينة صيدا ومنطقتها والبلدات المتاخمة للمخيم".
واعتبر في كلمة له أنّ "ما يجري من إشتباكات في عين الحلوة أمر مؤسف لان لا رابح من الإشتباكات والكل خاسر والضرر يلحق بالمخيم وبأهله وبصيدا ومنطقتها، لأن المخيم يقع في قلب صيدا".
وقال: "نوجه صرخة ضمير لوقف الإشتباكات فورا ضنا بحياة الأطفال والنساء والشيوخ وسائر أبناء المخيم لأننا نسمع من حين لآخر عن وقف لإطلاق النار ولكن بعد دقائق قليلة أو ساعات نسمع بتجدد الإشتباكات. عندما يسمع أي إنسان في وسائل الإعلام عن الإشتباكات في عين الحلوة لا يأتي أحد إلى صيدا ومنطقتها ويعتبر بأن البلد كله في خطر لأن ما يجري مؤسف جدا وليس من مصلحة أحد".
ودعا السعودي "جميع المتقاتلين لوقف سفك الدماء دون طائل، فلا رابح مما يجري والكل خاسر، سواء أهل المخيم أو أهل صيدا أو القضية الفلسطينية. هناك 100 ألف فلسطيني في المخيم حالتهم بائسة، وهم بأشد الحاجة للمساعدة أساساً ويزيد بؤسهم مما يجري من تقاتل وإشتباكات، لذلك هذه الصرخة إلى المتقاتلين لحقن الدماء البريئة التي نخشى مع إستمرار الإشتباكات أن تزيد الخسائر البشرية في الأرواح والممتلكات".
هذا، والتقى منسق عام "تيار المستقبل" في الجنوب الدكتور ناصر حمود، رئيس فرع مخابرات الجيش في الجنوب العميد فوزي حمادة في مكتبه بثكنة محمد زغيب العسكرية في صيدا، يرافقه عضو مكتب المنسقية حنان نداف ومنسق العلاقات مع الأجهزة الامنية والعسكرية في التيار سامر السن، وجرى خلال اللقاء بحث الأوضاع الأمنية والتطورات المتصلة بعملية "فجر الجرود" التي ينفذها عناصر الجيش اللبناني في مواجهة الاٍرهاب وتطهير الحدود، وكذلك الأوضاع الأمنية المستجدة في مخيم عين الحلوة .
وأكد حمود "الدعم المطلق للجيش اللبناني والمؤسسة العسكرية في مواجهة ما تبقى من مجموعات ارهابية على الحدود اللبنانية".
واعتبر أن "زيارة الرئيس سعد الحريري اليوم الى منطقة رأس بعلبك واطلاعه على سير العمليات العسكرية، هي رسالة دعم وتأييد لمؤسستنا العسكرية وللتأكيد على أن جيشنا اللبناني هو ضمانتنا الوحيدة في حفظ أمن الحدود والذود عن هذا الوطن".
وفي ما يتعلق بالوضع الأمني في مخيم عين الحلوة أعرب حمود عن تضامنه مع أهالي المخيم والوقوف الى جانب القيادات الفلسطينية في مواجهة بعض الحالات الخارجة عن الاجماع الفلسطيني والتي تقوم بحرف وجهة السلاح الفلسطيني والبوصلة عن القضية المركزية فلسطين".
وأضاف حمود: "في كل مرة يدفع ثمن هذه الاحداث المؤسفة أهلنا في المخيم من خسائر بشرية ومادية وتهجير ونزوح تثقل مأساتهم وايضاً تشاركهم صيدا هذا الثمن من خلال انعكاس هذه الأحداث سلباً على المدينة باعتبار ان صيدا والمخيم جزء لا يتجزأ"، آملاً  "أن تنجح  المساعي  التي توصلت اليها القوى الفلسطينية في تثبيت وقف اطلاق النار ووضع حد لهذه الاشتباكات رأفة بأهالي المخيم".

 

رصاص أصاب زجاج شرفة منزل النائب الراحل المهندس مصطفى سعد في صيدا

اللواء أبو عرب يعود العقيد عبد السبربري

د. أسامة سعد خلال لقاء الشيخ ماهر حمود، الشيخ زيد ضاهر، عبدالله ترياقي وقاسم غادر

المصدر : اللواء