بأقلامهم >بأقلامهم
"الخط الثالث": مبادرة شبابية لبنانية بين الطائفية والعلمانية
"الخط الثالث": مبادرة شبابية لبنانية بين الطائفية والعلمانية ‎الاثنين 9 01 2023 18:25 قاسم قصير
"الخط الثالث": مبادرة شبابية لبنانية بين الطائفية والعلمانية

جنوبيات

إنطلقت في الأسابيع الاخيرة مبادرة شبابية لبنانية جديدة تحت عنوان: "الخط الثالث" وهي تهدف لاطلاق تيار سياسي جديد على الساحة اللبنانية يجمع بين الثقافة المحافظة على القيم الدينية وبين الدعوة لتغيير الواقع السياسي الطائفي من دون الإنخراط في الدعوة الى العلمانية او تبني بعض الطروحات الجديدة حول القانون المدني الشامل والغاء المحاكم الشرعية او الدفاع عن حقوق المثليين.
 
وهذه المواقف أتت على لسان بعض الناشطين في هذا التيار خلال حفل إطلاق عمل المجموعة في مقر الرابطة الثقافية في طرابلس شمال لبنان يوم السبت الماضي بحضور حشد من الشخصيات السياسية والفكرية والدينية والاعلامية والاجتماعية.
وتضم هذه المبادرة عددا كبيرا من الشباب الذين شاركوا في حراك 17 تشرين الاول / اكتوبر من العام 2019 وكان لهم دور فاعل في مختلف الأنشطة الشبابية المعارضة للسلطة لكنهم وجدوا انفسهم خارج الاصطفافات التي نشأت بعد ذلك وكان لهم بعض الإعتراضات على أداء بعض النواب التغييريين الذين تبنوا مواقف علمانية ومعارضة للقيم الدينية.

ومن هؤلاء الناشطين: الناشط عامر جلول وهو من بيروت وكان له نشاط فاعل في حراك بيروت وهو متخصص في الشؤون المالية وادارة الاعمال ويدرس حاليا في كلية الدراسات الاسلامية في جامعة المقاصد، الاستاذ مالك المولوي وهو نجل الامين العام الاسبق للجماعة الاسلامية في لبنان الشيخ فيصل المولوي وتولى تأسيس الهيئة الشبابية للحوار الاسلامي - المسيحي وترشح للانتخابات في دورتي 2018 و2022 وتعاون سابقا مع حزب سبعة ومع عدد من المجموعات التغييرية وله نشاطات متعددة في طرابلس وبيروت، الباحث عزام طعمة وهو متخصص في الشؤون السياسية وله كتابات عديدة حول الدولة والطائفية، الاستاذة مهى الرواس من طرابلس وهي متخصصة في علم النفس وتعمل في مجال التدريب والتربية، الناشط محمد درويش من اقليم الخروب وهو ناشط سياسي، علاء دعبول من بيروت.
كما تضم المجموعة شخصيات شبابية من مختلف المناطق ، وان كان الغالب على أعضائها انهم من الطائفة السنية لكنهم ينفتحون على مختلف الطوائف اللبنانية ويحاولون تقديم خطاب وطني عابر للطوائف والمذاهب ويدعو للدولة المدنية والهوية الوطنية.

وقد أقامت المجموعة سلسلة لقاءات حوارية للتعريف بدورها ورؤيتها ، اللقاء الاول كان في مقر جمعية الارشاد والاصلاح الاسلامية في بيروت، والثاني بالتعاون مع مركز تموز للدراسات والتكوين على المواطنة في جبيل، والثالث في مقر الرابطة الثقافية في طرابلس، وشارك في هذه اللقاءات عشرات الشباب والناشطين من مختلف الاتجاهات وجرى خلالها التعريف بهوية مجموعة الخط الثالث والاسباب التي دعت لتأسيسها واهم الافكار التي تطرحها كبديل عن الطائفية والعلمانية تحت عنوان الجمع بين المحافظة على القيم وتبني خيار التغيير السياسي.
ويطمح المشاركون في هذه المجموعة لاكتساب دعم الشباب اللبناني الراغب بالتغيير والخروج من الانتماءات الطائفية والمذهبية والزعامات التقليدية وهم وجهوا انتقادات قاسية لتجربة الاحزاب السياسية في لبنان معتبرين انه ليس في لبنان احزاب حقيقية قائمة على اسس وطنية، وان المطلوب اعادة النظر بآلية العمل السياسي والحزبي .
كما اعتبر اعضاء المجموعة ان احدى المشكلات الكبرى في لبنان غياب الهوية الوطنية الجامعة لصالح الهويات الطائفية والمذهبية والمناطقية ، ولذا يجب العمل على اعادة بناء الدولة على اسس صحيحة وتعزيز الهوية الوطنية ورفض التدخلات الخارجية ، وهم يستندون في إطروحاتهم الى أسس فكرية وفلسفية ودراسات معمقة حول الدولة والانتماء الوطني وكيفية معالجة المشكلات القائمة في لبنان.
ومن يتابع عمل هذه المجموعة الشبابية الجديدة يلحظ الحجم الكبير للطموحات والمبادىء المثالية التي يطرحونها ويدعون اليها ، لكن يبقى السؤال الاساسي: هل سيكون هناك تجاوب مع طروحاتهم في ظل الانقسامات الطائفية والمذهبية؟ وكيف سيواجهون الموجة الجديدة من الدعوات الى العلمانية وتجاوز المحاكم الشرعية وتبني أطروحات جديدة على صعيد الواقع الاجتماعي والقيم الجديدة المنتشرة بين الشباب اللبناني؟

إنها مهمة ليست سهلة في ظروف سياسية واجتماعية ومعيشية صعبة ، لكن بروز مثل هذه المبادرات الشبابية يكشف عن عمق المأزق السياسي الذي يواجهه الشباب اللبناني اليوم في ظل الإحباط من نتائج انتفاضة 17 تشرين الاول / اكتوبر في العام 2019 وتجربة النواب التغييريين وفي ظل الفراغ السياسي في الساحة الاسلامية السنية على الخصوص .
وعلى امل ان يصل هؤلاء الشباب الى بعض أهدافهم النبيلة.

المصدر : جسور