بأقلامهم >بأقلامهم
خَطاب يُعلمُنا الإلتزام ..!



جنوبيات
خطاب عزت أبو الرب، ابن قباطيا الثورة، مناضلًا وقائدًا ومفكرًا ومقاتلًا ودبلوماسيًا ثوريًا وجماهيريًا، قد مرّ على ارتقائه شهيدًا ما يزيد على 32 عامًا بعد أن أدى رسالته الوطنية والنضالية، ثابتًا وقابضًا على مبادئ ثورته وحركته الرائدة حركة فتح، التي كان له شرف الانتماء والانتساب إليها منذ انطلاقتها عام 1965م.
ساهم إلى جانب الشهيد القائد أبو عمار في بناء تنظيم الحركة وقواعدها الارتكازية في الأرض المحتلة، مبتدئًا من بلدته المناضلة قباطيا بعد حرب حزيران 1967م.
تقلد مهام متعددة ومتنوعة في مسيرة الحركة، وكان مثالًا للمناضل والقائد الناجح في أداء مهامه. حظي باحترام وتقدير قيادته وإخوانه ورفاقه وكل من تعامل معه من أبناء شعبه، وكذلك من المناضلين في صفوف الفصائل الفلسطينية المختلفة وقيادات الأحزاب العربية والنشطاء العرب، لما له من حضور آسر ومنطق عروبي فلسطيني واضح الهدف والغاية والوسيلة.
خطاب كان مثالًا للمناضل الوطني الفلسطيني الفتحاوي، وقد تعرض للسجن والاعتقال أكثر من مرة من أجل مبادئه في محطات نضالية مختلفة.
كان لي شرف التعرف عليه في وقت مبكر نهاية عقد الستينيات وبداية عقد السبعينيات من القرن الماضي، واستمرت هذه العلاقة الفتحاوية النضالية حتى ارتقى إلى الرفيق الأعلى في بداية العام 1993م.
أود أن أذكر هنا حادثة مهمة ترتبط بـ"خطاب" شخصيًا لما فيها من درس بليغ في معنى الالتزام الحركي والثوري. في نهاية المؤتمر الحركي الخامس لحركة فتح المنعقد في تونس العاصمة في آب 1989م، وبعد انتهاء الاقتراع لانتخاب أعضاء اللجنة المركزية والمجلس الثوري، كانت الأخبار قد تسربت من لجنة الفرز تؤكد نجاح وفوز خطاب (عزت أبو الرب) بعضوية اللجنة المركزية، وقد بارك له الجميع على هذا الفوز.
عند الساعة السابعة، انتهى اجتماع القيادة العليا، وكان أول الخارجين أبو اللطف، الذي قال مباشرة عند مروره: "صباح الخير، التزم يا خطاب طيلة عمرك قائد في هذه المسيرة وتعلمنا الالتزام"، ثم واصل طريقه. عندها قلت للطيب عبد الرحيم: "سقطوه... قال الطيب: ماذا تقول؟ قلت: سقطوه... ألم تسمع ما قاله أبو اللطف؟".
لم تمض دقائق حتى خرج أبو ماهر محمد غنيم، وتوجه بخطابه قائلًا: "أنت قائد في هذه الحركة طيلة عمرك... ومثال للالتزام بما تقتضيه مصلحة الحركة". هنا تأكد لنا أن خطاب كان قد فاز فعلًا بعضوية اللجنة المركزية، ولكن كانت هناك ضرورة حركية حسب تقدير القيادة أدت إلى إلغاء فوزه واستبداله بغيره.
رغم ذلك، لم يتضجر خطاب، ولم يشكك في النتائج المعلنة، انطلاقًا من حرصه ووفائه لحركة فتح وعمق التزامه بما تمليه المصلحة العليا للحركة.
هذه الحادثة تقدم درسًا بليغًا في معنى الالتزام بالحركة ومبادئها، وهي درس يجب أن نتعلم منه اليوم، خاصة في ظل غياب هذه الروح الفتحاوية الأصيلة عن الكثيرين الذين يقدمون مصالحهم الشخصية على مصلحة الحركة والوطن.
الالتزام والانضباط واجب، ولا تستقيم العضوية في حركة فتح أو في غيرها دونهما.
د. عبد الرحيم جاموس
الأحد 16/2/2025
Pvommety@hotmail.com